حاوره: محمد توفيق أحمد كريزم
(الرأي) تحاور عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحريرالفلسطينية عبدالله الإفرنجي
منظمة التحرير ستنتهي في حال قيام الدولة الفلسطينية المستقلة .
إنعقاد المؤتمر الحركي السادس فرصة مواتية لتجديد دماء حركة فتح .
الإصلاح يجب أن يشمل كافة المؤسسات الحكومية و الحزبية و الأهلية و الخاصة .
المجتمع الدولي يؤكد على أن عام 2005 هو عام التحرك السياسي في المنطقة .
من غير المعقول أن تكون ميزانية منظمة أهلية أكبر من ميزانية الحكومة
يسود إعتقاد في أروقة العمل و التخطيط السياسي بأن المرحلة المقبلة ستشهد إنطلاقة حقيقية في عملية التسوية بالشرق الأوسط حسب التصريحات و التكهنات بهذا الشأن , كذلك تصاعدت حدة الدعوات المنادية بضرورة الإصلاح و دمرقطة المجتمع ،و ترسيخ العمل المؤسسي ليشمل كافة مناحي الحياة للشعب الفلسطيني ، و جعله أسلوب عمل و ممارسة في العلاقة ما بين الأطراف .
كل هذه القضايا نناقشها في حوار صريح مع عبد الله الإفرنجي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية و عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) ، و سفير دولة فلسطين السابق في ألمانيا ، الذي أكد على جملة من القضايا الهامة و المصيرية سواء ما يتعلق بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة أو الوضع الداخلي لحركة فتح لاسيما ما تم إقراره في إجتماع المجلس الثوري الأخير بعقد المؤتمر الحركي السادس للحركة في شهر أغسطس عام 2005 و التحضيرات الجارية له على صعيد الأطر الحركية ، و ما يعتبر أهم في الأيام المقبلة متمثل في إجراء الإنتخابات الرئاسية حيث عبر عن ثقته الكاملة بالناخب الفلسطيني و فيما يلي نص الحوار :
* ما هي قراءتكم للواقع السياسي على الساحة الفلسطينية بعد رحيل الرئيس ياسر عرفات ؟ و هل للتحركات السياسية النشطة و المتصاعدة في المرحلة الراهنة مدلول أو ذات مغزى محدد ؟
- غياب الرئيس أبو عمار رحمه الله خلف فراغاَ كبيراَ ، و هذا الفراغ ليس من السهل ملؤه من قبل أي شخص أخر ، الأخ أبو عمار كان رمزاَ و كان ظاهرة فريدة من نوعها تأتي كل 400 سنة مرة ، و هي ظاهرة غير قابلة للتكرار ، و تعبئة الفراغ الذي خلفه رحيله لا يمكن أن تتم إلا من خلال بناء المؤسسات.
و نظراَ لأن المشروع السياسي القائم منذ عام 1993 تبنته حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) ، مما يتوجب عليها أن تبدأ بتفعيل مؤسساتها ، و هي قد بدأت بالفعل بهذا الإتجاه من أجل إستكمال هذا البرنامج السياسي الذي تعثرت مسيرته منذ أربعة أعوام لأسباب عديدة.
وكذلك بدأت اللجنة المركزية لحركة فتح بتجديد دماؤها و تنشط و تتفاعل كمؤسسة بين كافة أعضائها، و هناك تعاون بين أعضاء اللجنة المركزية سواء في الداخل أو الخارج ، و هناك تنسيق متكامل ، و هذا هو السبب في الإنتقال السلس الذي حدث بعد غياب الرئيس أبو عمار ، و الأن بدأت اللجنة المركزية تتحرك في إتجاه تنشيط و إحياء الحياه التنظيمية للحركة و من ثم الإنتقال لعقد إجتماع للمجلس الثوري و قد نجحت بذلك ، حيث إنتخب الأخ أبو مازن رئيساَ للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ، و الإتفاق على ترشيحه لرئاسة السلطة الوطنية في المعركة الإنتخابية القادمة ، و قد نجحت اللجنة المركزية بإقامة حوار من خلال قياداتها مع الأخوة في التنظيمات الفلسطينية الأخرى الذي مازال مستمراَ ، و من ثم إنتقلت حركة فتح بهذا الحوار من الوضع الفلسطيني الداخلي إلى الوضع الخارجي و المحيط بها ، ومنه أولاَ إلى دول الطوق مثل مصر و الأردن و سوريا و لبنان ، حيث هناك تنسيق كبير في الماضي بيننا و بين كل من مصر و الأردن ، و لكن ساد نوع من البرود في علاقاتنا مع سوريا و لبنان ، و الزيارة التي قام بها الأخ أبو مازن و الأخ أبو علاء فتحت الباب كبيراَ أمام تعاوننا مع بعضنا البعض و تنسيق العمل السياسي فيما بيننا لأننا نجلس في دائرة سياسية واحدة و لأننا معنيون بهذا التنسيق ، ثم إنتقلت الحركة السياسية إلى دول الخليج العربي بدءاَ بالكويت بسبب العلاقات المتوترة مع الأخوة في الكويت و علينا أن نتخطى هذا التوتر الأن بإقامة علاقات أخوية تقوم على أساس الإحترام المتبادل ، ثم إنتقلت الحركة السياسية إلى الوضع الإقليمي و الدولي.
و يمكن إختصار هذه التحركات السياسية بعنوان بسيط هو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة و عاصمتها القدس الشريف في حدود عام 1967 و ذلك بأسرع وقت ، و الأن الوسيلة المتوفرة هو ترجمة خطة خارطة الطريق على أرض الواقع.
هذه الحركة السياسية التي تسير بها القيادة الفلسطينية الأن بدأت أيضاَ بخط موازي بالتحرك تجاه دول أوروبا بإعتبارها تشكل ثقلاَ كبيراَ جديداَ قابلاَ للنمو و التطور و التأثير العالمي ، و أيضاَ بخط موازي مع الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة القرار الأول في العالم ، و أيضاَ التحرك بإتجاه روسيا و الصين و دول عدم الإنحياز و الدول الإسلامية و الإفريقية.
نحن نسير الأن في كافة الإتجاهات لكي نمنع إسرائيل من أن تعزلنا أو تستفرد بنا كشعب فلسطيني و كسلطة فلسطينية ، هذا هو تحركنا في الوقت الحالي ، و هذه الأرضية لتحركنا السياسي ، و أعتقد أننا حتى هذه اللحظة نجحنا في خلق مناخ عام جيد لإستمرار المشروع السياسي الوطني الفلسطيني الهادف لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
* بعد فترة وجيزة سيدخل الشعب الفلسطيني ساحة الإنتخابات الرئاسية ، و سيؤكد من جديد خياره الديموقراطي ، السؤال الذي يطرح نفسه حول ما مدى التعاطي الدولي الجدي و الحقيقي مع نتائج هذه الإنتخابات ؟
- علينا الإعتراف أن الدول الأوروبية تعاطت بشكل جيد معنا في الماضي ،و قامت بمساهمة كبيرة جداَ في إعادة بناء البنية التحتية الإقتصادية و الإجتماعية ، و ساهمت بشكل كبير من خلال المساعدات التي حصلنا عليها ، و من خلال الرعاية التي شعرنا بها في تلك الفترة ، و طبعاَ هناك دول أخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية المنحازة إلى إسرائيل بشكل تاريخي وواضح جداَ و لا يمكن النقاش حوله ، إلا أنه كانت هناك علاقات طيبة مع الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث زارنا الرئيس الأمريكي بيل كلينتون و إجتمع مع أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني ، و كان هناك نوع من التطور في العلاقة الإيجابية مع الولايات المتحدة الأمريكية ، كما أن الأخ أبو عمار رحمه الله إستطاع أن يزور كافة دول العالم و يؤسس لعلاقات كبيرة جداَ ، و إستطعنا أن نصدر طوابع بريد خاصة بنا و هي علامة من علامات الإستقلال ، و كذلك إصدار جوازات سفر فلسطينية ، كذلك وصل إقتصادنا عام 1999 إلى نمو بلغ 7.5% ، و هذا نمو كبير و جيد جداَ ، و الدخل القومي الفلسطيني بلغ مبلغاَ كبيراَ يزيد على المليار دولار على الرغم من وجودنا مقيدين في أكثر من موقع من خلال إتفاقية أوسلو ، و هذه خطوات يجب ذكرها.
و في الأربع سنوات الماضية و بعد إقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون حرم المسجد الأقصى ، بدأت المواجهة بيننا و بين الإسرائيليين ، و هذه المواجهة تطورت و مازالت حتى الأن قائمة و في هذه المواجهة كان هناك تخطيط واضح لدى الإسرائيليين بهدم كل ما قمنا ببنائه في العشر سنوات الماضية و إلى حد كبير نجحوا بذلك في تدمير و إيقاف المنتوج الزراعي و هناك ما يزيد على نصف مليون شجرة زيتون تم إقتلاعها ، كذلك هناك مئات و ألاف أشجار البرتقال المقتلعة ، و هناك تجريف الأراضي و تدمير كل الإمكانات الزراعية الموجودة و المتوفرة لدينا و التي نعتمد إعتماداَ كبيراَ عليها ، ثم تجريف الطرق ، و تدمير المطار ، ثم منعنا من الحركة و إقامة الحواجز العسكرية في أكثر من موقع و منعنا من الحركة مع العالم الخارجي ، كل هذه الأمور بلا شك لعبت دوراَ كبيراَ في تراجع المد و النمو الإقتصادي ، و في تراجع الخطة التي كنا نعتمدها ، و أيضاَ في عدم تمكيننا من إقامة الدولة الفلسطينية التي كان من المفترض أن تقام في عام 2000 على أقصى حد و كل هذه الأمور موجودة ، و على الرغم من ذلك مازالت علاقاتنا مع العالم الخارجي جيدة و مازال الإقتناع لدى معظم دول العالم بأن الحل هو بإقامة الدولة الفلسطينية ، و أن الإستقرار و السلام في منطقة الشرق الأوسط لا يمكن أن يتم إلا بإقامة دولة فلسطينية و منحها الفرصة لتكون قابلة للحياة و بعيدة عن السيطرة و الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
و الإنتخابات الأن هي مشروع ضروري جداَ ليس فقط للعالم الخارجي ، فنحن نريد أن يكون مجتمعنا الفلسطيني مجتمعاَ ديموقراطياَ و تعدديا و نحن نريد أن تتصارع الأحزاب و التيارات المختلفة على أرضية ديموقراطية , بمعنى أن يكون هذا الصراع بدون إستفراد أو ديكتاتورية الأيدلوجيات أو ديكتاتورية القوى بشكل أو بأخر ، و نحن في حركة فتح نجحنا حتى الأن عندما كنا نسيطر على منظمة التحرير الفلسطينية منذ عام 1969 إلى إعطاء دليل على أننا نريد و نسعى أن يكون كل أبناء الشعب الفلسطيني بكل تياراته ممثلاَ في المؤسسات الفلسطينية و أطر منظمة التحرير إلى أن دخلنا إلى الأراضي الفلسطينية كانت تمثل كافة التيارات بما فيها تيارات فلسطينية أطلقت النار على القيادة الفلسطينية في أكثر من مرة و أكثر من موقع , إلا أننا نشعر أن قوة حركة فتح تأتي من خلال قناعتها بضرورة التعددية السياسية و سلوك منهج الديموقراطية في المجتمع الفلسطيني.
و أنا أعتقد أن هذه الإنجازات بالنسبة لنا تجعلنا نذهب إلى الإنتخابات و نحن واثقين بشكل كامل و كبير في قرار و توجه الناخب الفلسطيني ، بإعتبار أن علاقتنا مازالت متينة بيننا و بين جماهير شعبنا ، و نسأل الله أن يوفقنا في هذه الإنتخابات و أن نستمر في حمل الراية الفلسطينية لأننا نريد الخير لكل أبناء فلسطين.
* هل تعتقد أن العملية السياسية في الشرق الأوسط ستشهد إنطلاقة حقيقية على ضوء المتغيرات السياسية و المستجدات الدولية المتبلورة الأن ؟ و هل ترى أن الموقفين الإسرائيلي و الأمريكي يساعدان في هذا الإتجاه؟
- لا شك أن هناك نوع من التلاقي بين الموقفين الإسرائيلي و الأمريكي في أكثر من نقطة و موقع ، إلا أن الموقف الأمريكي يختلف عن الموقف الإسرائيلي فيما يتعلق بإقامة الدولة الفلسطينية ، وورقة شارون – بوش التي تم فيها تعديل الموقف الأمريكي لصالح الإسرائيليين فيما يتعلق بخارطة الطريق لم تلقى إستحساناَ من المجتمع الدولي ، لكن لم يمنع ذلك من إن هناك موقف أمريكي واضح بضرورة إقامة دولتين في المنطقة ، أو أن الحل يعتمد على بناء دولتين ، و هذا يعني أن دولة إسرائيلية قائمة و بالضرورة يجب إقامة الدولة الفلسطينية ، و هذا موقف متقدم بالنسبة للمواقف الأمريكية السابقة و هو موقف يجب أن نتمسك به و نسعى إلى أن يبقى الموقف الأمريكي في هذه النقطة ثابتاَ و ألا يتراجع ، و لذلك نحن نطور العلاقة مع المجموعة الأوروبية بإعتبارها تلعب دوراَ أساسياَ و رئيسياَ ، كذلك نطور العلاقة مع روسيا و الصين و الأمم المتحدة.
و الجميع يؤكد بضرورة أن يكون عام 2005 عام التحرك السياسي, كما ذكر وزير الخارجية الفرنسي و ركز عليه بشكل واضح و كبير و كما يؤكد المجتمع الدولي ، و هناك توجه أن يكون هذا العام هو عام التحرك السياسي عندما تصبح بريطانيا رئيسة المجموعة الأوروبية ، و هناك مصر التي بدأت تلعب دوراَ أكبر و تقوم بتهيئة نفسها للعب دور محوري و هام ، و أنا أعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تستطيع تجاهل التطورات الموجودة على الأرض و إذا كانت تريد الإستقرار في منطقة الشرق الأوسط فالإستقرار لا يمكن أن يتم بهيمنة أمريكية دون الأخذ بعين الإعتبار أهل المنطقة و سكانها بما فيهم الشعب الفلسطيني الذي يلعب دوراَ رئيسياَ و أساسياَ كنقطة مركزية لحدوث إستقرار من عدمه في المنطقة.
* حسب تصوركم ما هي أولويات ترتيب البيت الفلسطيني الأن ؟ و هل لديكم رؤية بهذا الشأن؟
- لا نستطيع أن نتحدث مع العالم دون ترتيب الييت الفلسطيني , و الحل يكمن من خلال إحياء و إنجاح مشروع المؤسسات الفلسطينية بحيث تكون جزء من حياتنا اليومية ، و أيضاَ لابد من أن نعيد للقانون هيبته و سلطته ، و أن يكون القانون فوق الجميع و لذلك الإنتخابات ضرورية حتى نعطي هذا التوجه شرعية و قوة تفرض بشكل معنوي على كافة أبناء شعبنا ، لأن حالة الفوضى القائمة لا يمكن قبولها ، فهناك عدم إحترام للقانون الفلسطيني و تطاول عليه ، و توجد محاولات لإثبات تواجد من قبل الخارجين على القانون بقوة السلاح ، و هذه الأمور يجب بالفعل محاربتها بشكل سريع كونها لا تساعدنا كفلسطينيين على إعطاء صورة جديدة للشعب الفلسطيني في الخارج ، و لذلك يجب أن نكون شفافيين ، بمعنى أن يشعر كل العالم أن الفلسطينيين لا يعطوا فرصة للفساد أن ينمو بينهم و في مؤسساتهم ، و هذا يفرض علينا أن نعتمد مبدأ الشفافية في التعامل مع كافة المؤسسات القائمة و كافة المشاريع التي ستأتي في فترة إعادة الإعمار و البناء داخل فلسطين.
و بعبارة أوضح لابد أن نقيم دولة المؤسسات و لابد أن يكون الإصلاح عنوان رئيسي و أساسي ، و لابد أن يكون القانون سيد الجميع و له الفصل الأول و الأخير بالنسبة للتعاملات اليومية للأفراد و المؤسسات و للسلطة.
* على ذكر الإصلاح و ما إذا كان من الداخل أو الخارج و جدواه في ظل الأوضاع المتأزمة و المعقدة محلياَ و دولياَ , سؤالي كيف يمكننا كشعب فلسطيني أن نجعل من الإصلاح منهجاَ و إسلوب عمل وممارسة إعتيادي في حياتنا العامة و ليس مسألة طارئة و مؤقته؟
- أولاَ يجب أن يكون ذلك من ضمن قوانيننا و تشريعاتنا و حياتنا اليومية ، و يجب أن لا نضع الإصلاح و نعتبره ضروري فقط لتخطي مرحلة و أو القفز عن مرحلة صعبة، و لابد أن يكون دائماَ ألة العمل في داخل الساحة الفلسطينية في المؤسسات و الوزارات و في كافة الأحزاب و التيارات السياسية الموجودة فلا يكفي أن نطالب السلطة بذلك ، و إذا كنا نريد الديموقراطية فعلى كل تنظيم فلسطيني في الساحة أن يقوم بعقد مؤتمرات غير متباعدة في المدة الزمنية لها و أن ينتخب قياداته الذي تمثله من قاعدته حتى يتم بالفعل العمل الديموقراطي بشكل جيد ، فلا نستطيع أن نمارس الديموقراطية في الساحة الفلسطينية و نترك التنظيمات تقوم بعمل غير ديموقراطي ، بمعنى أن هناك قيادات تراها منذ خمسين سنة و هي مستمرة في حكم أحزابها و قواعدها ، فهذا غير مقبول ، و عندما تتعمم الحياة الديموقراطية على كافة المؤسسات و يشعر كل فرد بدوره في حزبه أو في مجتمعه الفلسطيني عندئذ يتولد القبول بالإصلاح و بناء المؤسسات و إستعداد أكبر لإحترام الديموقراطية ، بمعنى أن الأغلبية هي التي تقرر و المعارضة عليها أن تساهم في البناء حتى و إن خسرت في المعركة الديموقراطية.
نحن بحاجة إلى إعادة بناء للمجتمع الفلسطيني بشكل جيد و أفضل مما هو عليه الأن ، و ليست المسألة على مستوى الأحزاب و المؤسسات ، يجب هنا أن نراقب طريقة عمل المنظمات غير الحكومية و يجب أن تكون مشاريعها بالتنسيق مع السلطة ، و أن تتصف بالشفافية فيما يتعلق بالأموال التي تأتي لهذه المنظمات غير الحكومية ، و أن تكون هناك محاسبة و مساءلة في كيفية صرف الأموال في هذه الجمعيات ، و هناك مؤسسات غير حكومية فيها أشخاص لم يتغيروا منذ إنشائها ، و هناك مؤسسات رؤسائها هم مسؤولي الصرف المالي و لا توجد لديها مسؤول مالي و إذا كان فلا يحق له أن يناقش في طريقة الصرف.
هذه الأمور أن الوقت لمناقشتها بكل صراحة , فمن غير المعقول أن تأتي منظمات غير حكومية و يكون لديها إمكانات مادية أكثر من السلطة ، و يكون لديها قدرة أن تقرر و تبعث بمنح دراسية و تتحكم في مستقبل الشباب بشكل أو بأخر دون التنسيق مع السلطة ، ثم هناك رؤساء منظمات غير حكومية ترفع شعار الإصلاح و محاربة الفساد في السلطة و لكن عندما تأتي هذه الشعارات إلى قرب مؤسسته يصمت بشكل كبير جداَ و لا نريد أن نذكر أسماء في هذه الحالة ، و لكن هذا أمر موجود في داخل الساحة الفلسطينية يجب ألا يستمر.
* لكن ألا تخشون من أن يتهمكم البعض هنا أنكم تضيقون الخناق على مؤسسات المجتمع المدني؟
- لا ... طبعاَ ، نحن نقول ما نطالب به السلطة الوطنية و ما نطالب به حركة فتح أولاَ و أخيراَ و كذلك التنظيمات و الأحزاب ، نطالب به أيضاَ المؤسسات الأخرى في المجتمع ، فيجب أن يسود الوضوح و الشفافية في التعامل اليومي الموجود عند الجميع ، و نقول أيضاَ ما يتعلق بالصرف المالي ، الفساد يأتي عندما تصرف الأموال بطريقه غير مشروعة ، فإذا صرفت الأموال بطريقة غير مشروعة من وزير أو مسؤول في السلطة يجب محاسبته و في نفس الوقت إذا صرفت من مسؤول في جمعية غير حكومية يجب محاسبته أيضاَ ، فالقانون سيد الجميع ، و ما يقر و يشرع للمجتمع الفلسطينى و لسلطته يجب أن يقر و يشرع على مؤسسات المجتمع المدني ، فهي تعيش على الأرض الفلسطينية و هي مستفيدة أيضا من البرامج التي تمارسها على الأراضي الفلسطينية و هي تتعامل مع أبناء الشعب الفلسطيني لذلك ما ينطبق علينا يجب أن ينطبق عليهم .
* كيف تنظر للأمور التي ألت إليها حركة فتح في الأونة الأخيرة ؟ و من هو الإطار التنظيمي للحركة الأكثر قدرة على تطبيق الإصلاح و إستنهاض الحركة من جديد؟
- نحن في حركة فتح بدأنا نخطو خطوات سليمة في الإتجاه الصحيح ،فأولاَ بدأت اللجنة المركزية تقوم بعقد إجتماعات منتظمة و تناقش كافة الأمور ، و تأخذ دورها كمؤسسة فيما يتعلق بالحركة ، حيث تعتبر المؤسسة رقم واحد و هي صاحبة القرار ، و لأنها لا تستطيع أن تستمر بسياستها بمعزل عن بقية جسم الحركة ، لذا تم إحياء و إعادة النشاط للمجلس الثوري ، لذلك لم نناقش مسألة ترشيح ألأخ أبو مازن للرئاسة في إطار اللجنة المركزية فقط ، وإنما تم الإنتقال بعد حصول الإجماع على ذلك في اللجنة المركزية إلى المجلس الثوري ، أيضاَ لم نبقى في أطر المجلس الثوري بل إنتقلنا إلى كافة لجان الأقاليم و المناطق و المحلية و مؤسسات أخرى تابعة للحركة، بمعنى نحن الأن نعيش حالة إستنهاض حقيقي داخل حركة فتح ، أيضاَ تم إتخاذ قرار في إجتماع المجلس الثوري الأخير في دورة الشهيد الأخ أبو عمار على أن يتم عقد المؤتمر الحركي السادس الذي لم يعقد منذ عام 1989.
نحن الأن لدينا توجه حقيقي و نسير بخطوات جيدة في إتجاه إعادة الحياة التنظيمية إلى وضعها الطبيعي الذي يفرز القيادات و يقوم بالمحاسبة و يعطي الفرصة للنقاش و الحوار الديموقراطي داخل المؤسسات الفتحاوية.
لذلك أشعر بأن هناك تطور كبير جداَ ، و توجد قفزة للأمام فيما يتعلق بمؤسسات الحركة ، يل لإنعقاد المؤتمر لظروف كثيرة كنت أتمنى ألا تحدث ، إلا أنه أصبح هناك تراكم كبير جداَ منه ما قاد إلى الإحتقان في داخل المؤسسات الحركية و أدى إلى نوع من التشنجات بين الكثير من القيادات الحركية الوسطى و الأقل مسؤولية ، أيضاَ قاد إلى نوع من عدم التنسيق في أكثر من قطاع ، و قاد إلى نوع من الإجتهاد غير المشروع ، لذلك أعتقد أن الأساس الأن هو إعادة الدورة التنظيمية إلى طبيعتها و هذا يعني إعطاء الفرصة لكل فرد من أبناء حركة فتح ليساهم في الحوار الجاري حول كيفية إنعقاد المؤتمر السادس ، و من هم الأكثر إستحقاقاَ في المؤتمر ، و هنا نرفع شعار الأقدمية و الكفاءة و النشاط و هذه شعارات مثبتة في النظام الأساسي لدينا و نستطيع أن نوجه النقاش في الإتجاه الصحيح و نفتح القنوات بإتجاه أبناء الحركة لكي يسيروا سيراَ طبيعياَ في إتجاه تحمل المسؤوليات .
* هل تعتقد فعلاَ أن مجرد إنعقاد المؤتمر الحركي السادس سيحل مشكلات حركة فتح بشكل جذري و سيعيد الأمور إلى نصابها ؟ أم أن المسألة تتطلب جهداَ إضافياَ و كبيراَ؟
- عليك أن تعلم بأن المؤتمر الحركي السادس لايمكن أن يكون ناجحاَ إلا إذا تم التحضير له منذ الأن بشكل جيد ، و التحضير يعني أنه يجب أن يشارك فيها أكبر عدد ممكن من أبناء الحركة ، يجب آن تتم لقاءات على مستوى القاعدة و تطرح فيها كافة القضايا و تناقشها بشكل صريح جداَ ، و منها المخالفات التي حدثت ، ثم لابد بعد طرح هذا الموضوع أن يصل أبناء الحركة إلى جو التآلف فيما بينهم ، و ألا يكون إنعقاد المؤتمر له إفرازات سلبية قد تقود إلى التفجير ، ثم يجب أن يكون هذا المؤتمر هو المكان الذي تلتقي فيه الطاقات و القيادات لا أن يكون مؤتمر للمحاسبة و الجلد لهذا الطرف أو ذاك ، علينا من الأن أن نعمل على خلق المناخ التنظيمي الصحي و الملائم لكي يساهم الجميع في أن يكون هذا المؤتمر تتويج للعمل الفتحاوي لا أن يكون مؤتمر مشاحنات أو مؤتمر يقود إلى نتائج أكثر حدة و إحتقاناَ مما كان عليه ، نحن بإتجاه مؤتمر يهييء له كل مقومات النجاح حتى موعد إنعقاده في شهر أغسطس من عام 2005 ، من أجل أن نضمن تدافع الأجيال و نتيح الفرصة لقيادات شابة أن تتسلم مهام جديدة داخل الأطر التنظيمية لحركة فتح ، بمعنى نحن نسعى في هذا المؤتمر بأن تتحمل القيادات الشابة مسؤولية تنظيمية في الحركة ، و في نفس الوقت نمنع حالة الترهل أو طروحات غير مشروعة بأن تطغى على الحركة .
* هناك من يطالب بنقل إجتماعات و نشاطات منظمة التحرير إلى خارج الوطن ، ما ردكم على ذلك؟
- لا يوجد من يطالب بنقل الإجتماعات و النشاطات إلى الخارج على الإطلاق هناك ترابط عضوي بين الداخل و الخارج منذ نشأة منظمة التحرير عام 1964على يد أحمد الشقيري رحمه الله الذي كان رئيسها في ذاك الوقت , هذه المنظمة بدأت ببلورة الهوية الفلسطينية بشكل أو بأخر و محاولة أن تثبت القرار الفلسطيني لدى جامعة الدول العربية ، و لكن لم تنجح المحاولة في البداية ، و عندما تسلمت فتح زمام المبادرة و بعد معركة الكرامة بالتحديد نجحت حركة فتح في تسلم منظمة التحرير الفلسطينية و فتحت المجال أمام بقية الفصائل الفلسطينية التي ناضلت بالسلاح من أجل تغيير الواقع الفلسطيني لإعادة إسم فلسطين على الخريطة السياسية ، و نجحت منظمة التحرير في أن تصبح الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الفلسطيني و لاقت الإعتراف من المنظومة الدولية و من دول عدم الإنحياز و الدول الإفريقية ، و هنا الإعتراف الدولي بمنظمة التحرير الفلسطينية كان أكبر بكثير من الإعتراف الدولي بإسرائيل ، و لنا سفارات في معظم دول العالم لذلك العالم كله إعترف بالشعب الفلسطيني و بحقوقه المشروعة و بممثله الشرعي و الوحيد.
لذلك تم توقيع إتفاقية أوسلو بإسم منظمة التحرير الفلسطينية ، و الأخ أبو عمار و قعها بإسم منظمة التحرير ، ثم يجب التأكيد أن كل الإتفاقيات التي وقعت كانت بإسم منظمة التحرير و لايمكن أن يتم توقيع إتفاقية مع الإسرائيليين أو أي طرف دولي دون توقيع منظمة التحرير عليها ، و الأن منظمة التحرير هي المؤسسة الفلسطينية التي تحمل الهوية الفلسطينية للشعب الفلسطيني في الداخل و الخارج و عددهم يزيد عن تسعة مليون فلسطيني ، و منظمة التحرير الفلسطينية سوف تزول عندما تقام الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة على الأرض الفلسطينية في قطاع غزة و الضفة الغربية و القدس ، عندئذ لا نكون بحاجة لمنظمة التحرير ، أما الأن فهناك مشروع إصلاح لكافة المؤسسات.
نشر - بتاريخ - 20/12/2004 - جريدة الحياة الجديدة