"الشرق الأوسط: صمت العالم وقضية فلسطين"

ناديه الراشد
الكاتب: ناديه الراشد
يعيش العالم اليوم، وخاصة منطقة الشرق الأوسط، حالة من الاضطراب والصراعات المتعددة على مختلف الأصعدة، سواء كانت جيوسياسية، أو اقتصادية، أو ثقافية. تلك الحروب التي لا تنتهي تترك خلفها دمارًا بشريًا هائلًا، وتستنزف أرواح الأبرياء، لترتقي في بعض الأحيان إلى جرائم ضد الإنسانية. وما يحدث في غزة اليوم يعد مثالًا واضحًا على هذه المأساة، في ظل الصمت الرهيب الذي يكتنف العالم، وتحديدًا العالم العربي، الذي لا زال يعيش تحت حكومات لا تترك مجالًا للشعوب للتعبير عن مواقفها أو الاحتجاج على الظلم.
هذا الصمت السياسي يعود إلى تراكمات تاريخية من الاستبداد والتحالفات التي تقوم على المصالح الضيقة والولاء للطغاة، حيث تُستخدم الشعوب كأدوات لتحقيق أهداف الأنظمة، حتى وإن كان الثمن حياة الأبرياء. وهكذا تظل المنطقة تحت وطأة تلك الأنظمة الحاكمة التي تسعى لإرضاء "أسيادها" في الخارج على حساب حياة شعوبها.
في خضم هذه الصراعات، نجد أن التدخلات الأجنبية والنفوذ العالمي يعمق من حجم المأساة، بينما تبحث بعض الدول الإقليمية عن تعزيز نفوذها الخاص في المنطقة، لتصبح وكيلة للهيمنة الأجنبية. وفي هذا السياق، يُغفل بشكل متعمد القيم الإنسانية والحقوق الأساسية للشعوب التي تكابد منذ سنوات طوال.

ومع ذلك، تبقى فلسطين القضية المركزية لكل مسلم في العالم، رغم أن هذه القضية قد تحولت إلى ورقة للضغط السياسي من قبل الزعماء العرب الذين استمروا في استخدام القضية الفلسطينية كأداة للمساومة السياسية. منذ 70 عامًا، لم نشهد أي تغيير حقيقي على أرض الواقع، بل استمرار في الاستغلال السياسي للقضية على حساب حقوق الشعب الفلسطيني.
لا شك أن الحلول المساومات والمفاوضات على مدى السنوات الماضية قد فشلت، وأنه لا بد من أن يكون لفلسطين الحق الكامل في سيادتها وحرية أراضيها، ليعيش الشعب الفلسطيني في وطنه الموحد المستقل. هذا يتطلب نهاية للصمت الرهيب وتحرير فلسطين من الاحتلال والهيمنة الأجنبية.
من الناحية العالمية، لا تزال "حل الدولتين" هي الأجندة التي يروج لها الحكام والنخب السياسية، ولكن هذا الحل يتطلب تغييرًا جذريًا في تقسيمات الشرق الأوسط وتغيير تحالفات القوى الإقليمية والدولية. كما يتطلب القضاء على أي محاولة لتقسيم المنطقة بما يخدم مصالح القوى الكبرى على حساب الشعوب المستضعفة.
التحرك الحقيقي لا يأتي إلا من وحدة الشعوب، التي إذا ما تحركت وانتفضت ضد الظلم، ستتمكن من إعادة صياغة المستقبل. ويبقى الأمل في اتحاد الشعوب العربية والإسلامية لتحقيق هذا الهدف النبيل، وتحقيق الحرية والعدالة في فلسطين وفي كل أنحاء المنطقة.

ناديه الراشد
نائب سياسي سابق وناشطة سياسية ليبية

 

 

تعليقات