أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

محاذير التضليل الاعلامي في تغطية صفقة وقف حرب الابادة

د.تحسين الاسطل

بقلم / د.تحسين الاسطل
مع اقتراب تنفيذ اتفاق صفقة تبادل الاسرى في غزة ، بعد حرب ابادة جماعية وحرب بحق الانسانية ، استمر اكثر ٤٧٠ يوما ، ارتكبتها الحكومة الإسرائيلية المتطرفة برئاسة المطلوب للمحكمة الدولية نتنياهو ، لابد من التعرض لبعض المظاهر التي ستواكب مجريات الصفقة ، والمحاذير التي يجب عدم الاقتراب منها ، لانها ستصب في مصلحة الاحتلال ، ومحاولاتة الدائمة الهروب من المسائلة من محكمة الجنائية الدولية ، والتي قد تصل إلى حد تشكيل تحالف دولي، من حلفاء الاحتلال لتنفيذ مخططاته بالمنطقة واهمها ما تتعرض له دولة فلسطين تحديدا.
خلال الحرب حاول الاحتلال دائما تضليل الرأى العام ، لتبرير ما يرتكبه من جرائم ، في حين كانت الحقيقة الساطعة انه يرتكب على الدوام جرائم بحق الانسانية وحرب اباده جماعية ، لم يستطيع اعلام الاحتلال ، واعلام الادارة الامريكية الحليفة ، من تضليل القلوب المتنورة ، فلم يعد بالامكان تبرير جرائم لا يستطيع احد تجاهلها من شدة ما ارتكب من جرائم بشكل واضح، الا ان البعض تسبب من خلال بعض المصطلحات والتهويل الاعلامي ، والتي ترتقي الي حالة التضليل ، ما كاد يساعد الاحتلال في جعلها مادة اعلامية تساعده في الافلات من العقاب والمسائلة على هذه الجرائم ، رغم كثير من التحذيرات والنصائح، الا ان اصحاب الاجندات الحزبية ، والاجندات الخاصة تجاهلت كل هذه التحذيرات ، ما يستدعي ان نضع هذه المحاذير الاعلامية ، التي يستخدمها الاحتلال بشكل متعمد ، حيث يمكن توضيح هذه المحاذير والتضليل من خلال تلك المظاهر والصور .
التضليل : حتى اللحظة الأخيرة سيحاول الاحتلال البكاء الدائم واظهار الانكسار وانه الضحية في كل ما حصل، وانه قدم تنازلات مؤلمة واضطر تحت ضغط كبير من الادارة الامريكية الجديدة والرئيس ترامب من اجل الخضوع لهذه الصفقة.
الحقيقة: الاحتلال دمر ٨٠ % من كل اشكال الحياة المدنية بغزة ، والتي كانت تعاني اصلا بفعل حصار استمر ١٨ عاما ، وقتل اكثر من ٦٥ الف انسان اغلبهم من الأطفال والنساء والابرياء اكثر من ٤٦ الف سجلوا بالمستشفيات فيما البقية في عداد المفقودين ، واصبح قادة الاحتلال مطلوبين من المحكمة الدولية، بسبب هذه الجرائم ، والادارة الامريمية لن تكون بعيدة عن المسائلة نتيجة هذه الجرائم.
التضليل : حركة حماس ما زالت صامدة ، والاحتلال لا يعرف الخسائر الحقيقية التي لحقت بها والفصائل الفلسطينية الاخرة ، لذلك ستبقى هذا التضليل مبررات على عدم القبول بانهاء الحرب ، وانما وقف مؤقت للعمليات أو الهدنة المؤقتة، فالخطر ما زال يتهدد دولة الاحتلال.
الحقيقة: الاحتلال أهدافه الحقيقة غير التي اعلن عنها تماما ، الا انه يستخدم المعلن وهو انهاء حركة حماس ووجودها العسكري وحكمها من اجل تنفيذ المخطط الحقيقي الذي يمارسه منذ البداية والذي لا يخفى علي احد ، وهو ابادة الشعب الفلسطيني وانهاء وجوده على ارضه ، من خلال الحرب الطويلة وباشكال مختلفة ، وهي : القتل المباشر ، التجويع، منع الدواء، تدمير المستشفيات ، الحرمان من الشعور بالامن ، القلق الدائم على كل متطلبات الحياة الاساسبة مثل: المأكل والمشرب والمستقبل والامن .
التضليل : الاحتلال واعلامه الناطق بالعربية بالمنطقة ، سيحاول في المرحلة المقبلة تضخيم بعض المشاهد ، التي ستخرج من غزة ،خلال عملية تبادل الاسرى وقف إطلاق النار ، للتاكيد على أنه فشل في حرب الإبادة التي قام بها ، وانه مهزوم بكل المقاييس،وانه عاجز امام ما يحصل ، ولا تستغربوا ان تمت مشاهدة نتنياهو المطلوب للمحكمة الدولية يبكي امام وسائل الإعلام على حالة الفشل التي لحقت به وبجيشه، لدرجة انه أصبح مصدرا للاستهزاء تصل الى درجة الازدراء، ولا تستغربو ان طلب المساعدة لتشكيل تحالف دولي لانقاذ دولة الاحتلال من الارهاب المزعوم الذي تتعرض له دولته المجرمة.
الحقيقة : نحن شعب اعزل ، وكل ما نملكه امكانيات محدودة محاصرين، نعيش على المساعدات اليومية ، وتحدث المجاعة اذا أغلق الاحتلال المعابر يوما واحدا، لا يمكن باي حال من الاحوال مواجهة دولة ناشئة فقيرة لا تملك اي مقومات الدولة ، فما بالنا بدولة الاحتلال المدعومة دوليا وعلى كل المستويات الرسمية، وخاصة الولايات المتحدة ، وخلال الحرب تم تدمير مدن قطاع غزة واصبحت غير قابلة للحياة فما بالنا بمواجهة دولة الاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية.
التضليل : إياكم والذهاب الي مربعات الاحتلال واعلامه بالمنطقة ، والذي سار معه خطوة بخطوة خلال حرب الابادة وإظهار الانتصار والمظاهر العسكرية او تعظيم القوة العسكرية للفصائل الفلسطينية ، والتي كان يستخدمها الاحتلال مبرر جرائمه خلال الحرب، فهذه وان كانت محدودة وغير حقيقية فإنها ستساعد الاحتلال في كل أهدافه الأساسية، وفي نفس الوقت الهروب من المحكمة الدولية التي تسعى لملاحقته على الجرائم بحق شعبنا الاعزل .
الحقيقة : تذكروا اننا شعب اعزل ، وشعب محاصر تعرض لحرب ابادة حقيقية على مدار ٤٧٠ يوما ، ناشدنا كل العالم في كل الايام ومع كل بزوغ فجر وغياب شمس على مدار الايام كن وقف حرب الابادة الجماعية وما نتعرض له من جرائم ، وسط عجز واضح ومؤامرة دنيئة تعرضنا لها ، تجاوزت كل حقوقنا المشروعة التي نصت عليها الشرعية الدولية .
تاكدوا ان العالم ينظر إلينا وينظر كيف نتصرف ،وفي رقبتنا دماء الشهداء الذين لم نستطع ان نفعل لهم شيئ، وتركوا بلا حول ولا قوة امام الاحتلال ودباباته التي دمرت منازلهم وداست على اجسادهم والاف الاطفال والنساء والشيوخ مازلوا تحت ركام المنازل المدمرة ، تركت طعام للكلاب والقطط الضالة ، كما ترك الأحياء منهم للكلاب البشرية من اللصوص والمستغلين والفاسدين الذين لم يحرك ما يتعرض له شعبنا ضمائرهم المسلوبة امام المال والكسب غير المشروع.
المسؤولية : الى الناطقين والسياسيين والاعلاميين الذين يبحثوا عن الشهرة والتهويل، بعيدا عن المسؤولية التي تحتم علينا جميعا تحملها لانقاذ شعبنا والدفاع عن حقوقه المشروعة ، ووضع حقوقه وحقوق الشهداء والجرحى فوق كل المصالح الضيقة.
نحن نتعرض للابادة ، وقوة قضيتنا في عدالتها كحق مشروع اقرته الاعراف الدولية ، وليس في قوتنا العسكرية الخارقة التي لا يمكن هزيمتها او القضاء عليها او هزيمتها.
نحن في عصر التحالفات اما ان نكون ضمن تحالف المؤمنين بعدالة قضيتنا وفق الاعراف والمواثيق الدولية ،ونظامنا السياسي الفلسطيني المعترف به دوليا ، في ظل منظمة التحرير الفلسطينية والرئيس محمود عباس ، والذي يستطيع العالم ان يفهمنا من خلالها كلغة مقبولة ومفهومة سياسيا ، او السماح بتشكيل تحالفات دولية بالرغم من كل الجرائم التي تعرضنا اليها ، ولن يسامحنا احد ان فشلنا في ملاحقة قادة الاحتلال امام المحاكم الدولية، وتمت مساعدته في الهروب من المسائلة ، بسبب أفعالنا غير المحسوبة ، بالذهاب الى مربعات التضليل التي وضعها الاحتلال لنا مثل الاحتفال بالانتصار وبعض المظاهر العسكرية والتي تجعل منا قضية مستعصية ترفض الاندماج في النظام السياسي الفلسطيني المعترف به دوليا ، كما لا تستطيع ان تتعايش مع الهامش الذي منح لها لافشال مشروع الدولة ، وبالتالي يصبح تشكيل تحالف دولي للقضاء على هذه الحالة المستعصية، وكل ما يلحق بها من تبعاث ومعاناة مستمرة تنصب بشكل كامل وفي كل الاحوال في مصلحة دولة الاحتلال، الذي ينتظر بفارغ الصبر هذه الفرصة، لمواصلة جرائمه، وربما يجد من يتحالف معه لارتكاب هذه الجرائم ، والانقضاض على حقوقنا المشروعة وحقنا في تقرير المصير على ارضنا الفلسطينية.

 

تعليقات