الشتاء في غزة: معركة بقاء تحت قصف الإبادة وبرودة الموت

فلسطين24:
غزة، يناير 2025
مع بداية فصل الشتاء في قطاع غزة، لا يعد هذا الموسم مجرد تحدٍّ طبيعي يتمثل في البرد القارس والأمطار الغزيرة، بل هو فصل جديد من فصول المعاناة التي يعيشها سكان القطاع نتيجة الحصار المستمر، الظروف الاقتصادية الصعبة، والحروب المتتالية. كل شتاء، يصبح الضغط النفسي والجسدي على الفلسطينيين في غزة أكبر، وتزداد الآلام مع تزايد القصف وتدمير المنازل، ما يجعل هذا الفصل أكثر من مجرد موسم برد، بل وقتًا تتضاف فيه فصول جديدة من الحرب والدمار.
الفيضانات تغرق غزة مجددًا: كارثة جديدة في ظل القصف
مع تساقط الأمطار الغزيرة، تتفاقم معاناة سكان غزة بسبب الفيضانات التي تغمر الشوارع والمنازل. في بعض المناطق، تصل المياه إلى ارتفاعات تتجاوز المتر، ما يعيد فتح جراح الماضي ويزيد من صعوبة الحياة اليومية للسكان. لكن مع كل شتاء، تأخذ الأزمة طابعًا أكثر مأساوية في ظل الحرب المستمرة، حيث تعرضت بنية غزة التحتية إلى دمار واسع خلال الحروب السابقة، ما يفاقم من تأثيرات الفيضانات ويؤدي إلى تدمير الممتلكات والمحاصيل الزراعية التي تشكل مصدر رزق للكثير من العائلات.
لكن القصف الإسرائيلي المستمر على القطاع يضيف معاناة إضافية، حيث تتسبب الهجمات في تدمير شبكات الصرف الصحي والكهرباء، مما يجعل أي نوع من الاستجابة لهذه الكوارث مستحيلًا تقريبًا.
الحرب على المدنيين: فصل الشتاء يزيد من القتل والدمار
الشتاء في غزة يأتي في وقت يواجه فيه السكان خطر الحرب المستمرة. خلال السنوات الماضية، كان شتاء غزة مليئًا بصور القصف العنيف وتدمير المنازل، مع استمرار استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية. يتسبب القصف الإسرائيلي في تدمير المنازل، مما يجبر مئات العائلات على التشرّد في ظل البرد القارس. في كل عملية عسكرية، تمتلئ المستشفيات بجثث المدنيين، ويعاني الأطفال والنساء وكبار السن بشكل خاص من آثار الحرب.
أحد الناشطين الحقوقيين في غزة يقول: "ليس فقط البرد الذي يقتلنا، بل القصف المستمر واستهداف المدنيين. العديد من العائلات فقدت منازلها، وأصبح الشتاء بالنسبة لهم فصلًا من الجحيم. القصف لا يميز بين طفل أو مسن، ولا بين منزل أو مستشفى. في كل مرة تبدأ فيها الأمطار، نشعر أن الموت يقترب أكثر."
البرد القارس وغياب وسائل التدفئة: معاناة مضاعفة تحت القصف
بجانب القصف، يواجه سكان غزة صعوبة شديدة في تدفئة أنفسهم خلال فصل الشتاء بسبب انقطاع الكهرباء المستمر، ما يعقّد حياتهم اليومية ويزيد من معاناتهم. الحصار الاقتصادي يفرض على الأسر الغزية العيش في ظروف معيشية قاسية. مع عدم توفر الوقود الكافي، تضطر الكثير من العائلات للاعتماد على وسائل تدفئة غير آمنة مثل الفحم والخشب، ما يزيد من خطر الحوادث والاختناق. هذه الظروف المأساوية تتفاقم بشكل أكبر في ظل تصعيدات القصف، حيث يجد المواطنون أنفسهم تحت تهديد دائم.
استهداف المدنيين: الحرب على البشر والمنازل
يشير تقرير صادر عن منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي غالبًا ما استهدفت المدنيين ومنازلهم بشكل مباشر خلال الحروب السابقة. في كل فصل شتاء، يزداد قلق السكان حول احتمال تعرضهم للاستهداف. العائلات التي كانت تأمل في البقاء بأمان تجد نفسها في دائرة مفرغة من الخوف المستمر بسبب القصف المكثف، دون أي ضمانات لحمايتهم.
أحد السكان يروي تجربته: "في حرب 2014، فقدت عائلتي منزلها، ونحن نعيش الآن في خيمة مهدمّة. عندما يأتي الشتاء، تصبح حياتنا أصعب بكثير. البرد، القصف، والمشاكل الصحية كلها تهدد حياتنا في وقت واحد. لن ننسى الشتاء الذي فقدنا فيه الكثير من أحبابنا."
الأوضاع الصحية في ظل الحروب: موجات من الأمراض والتدمير
تزداد معاناة الفلسطينيين في غزة خلال الشتاء نتيجة للأمراض الموسمية مثل الأنفلونزا والتهابات الجهاز التنفسي، وخاصة في ظل دمار المنشآت الصحية في الحروب السابقة. مع تدمير البنية التحتية للمستشفيات بسبب القصف، يعاني السكان من نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية، ما يجعل علاج الأمراض الموسمية أمرًا في غاية الصعوبة. بالإضافة إلى ذلك، تتسبب الفيضانات الناجمة عن الأمطار في تلوث المياه، ما يفاقم من انتشار الأمراض المعدية مثل الإسهال.
التأثير النفسي: الحرب والشتاء يعززان حالة الاضطرابات النفسية
لا تقتصر معاناة سكان غزة على الجوانب المادية فقط، بل إن الحرب المستمرة خلال الشتاء تساهم بشكل كبير في تفشي الاضطرابات النفسية. الآثار النفسية التي خلفتها الحروب على الأطفال والشباب الفلسطينيين تتفاقم بشكل ملحوظ في فصل الشتاء، خاصة بعد فترات من القصف المكثف التي غالبًا ما تصاحبها أزمات إنسانية إضافية.
تقول أحد العاملات في مجال الصحة النفسية: "الشتاء هنا يعزز من مشاعر القلق والاكتئاب بين السكان. فمع استمرار العنف والتهديدات اليومية، يعجز العديد من الأفراد عن التعامل مع الضغوط النفسية المتزايدة. الأطفال يعانون بشكل خاص، وأحيانًا لا نملك الوسائل لتقديم الدعم النفسي الكافي."
استجابة المجتمع الدولي: ضرورة الإسراع في تقديم المساعدات
الشتاء في غزة هو فصل اختبار حقيقي للمجتمع الدولي، الذي يقع على عاتقه مسؤولية تقديم الدعم.





 

تعليقات