![]() |
فادي أبو بكر |
الكاتب: فادي أبو بكر
شهد مخيم طولكرم شمالي الضفة الغربية تصعيداً خطيراً مع اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، برفقة وزير حربه يسرائيل كاتس وعدد من كبار ضباط الجيش أحد المنازل الفلسطينية، في خطوة تحمل دلالات واضحة تتجاوز البعد الأمني إلى رسائل سياسية مرتبطة بمخطط ضم الضفة وتغيير واقعها الجغرافي والديموغرافي بالقوة. وتأتي هذه الزيارة الميدانية ضمن حملة عسكرية موسعة تستهدف المخيمات الفلسطينية، في سياق سياسة إسرائيلية ممنهجة لإضعاف أي بنية مقاومة في الضفة الغربية، وفرض واقع جديد يعزز سيطرة الاحتلال، ويمهد لمخططات الضم الفعلي التي باتت جزءاً من الخطاب السياسي للحكومة الإسرائيلية المتطرفة.
يأتي هذا التصعيد بعد أن شهدت مدينة "بات يام" جنوب "تل أبيب" تفجيرات غامضة استهدفت ثلاث حافلات دون وقوع إصابات، لكنها أثارت حالة من الذعر الأمني وأعادت الجدل حول دوافعها الحقيقية، خاصة مع إعلان السلطات الإسرائيلية فرض حظر نشر على تفاصيل التحقيق، واعتقال إسرائيليين اثنين للاشتباه في تورطهما، ما عزز الشكوك حول احتمال أن تكون هذه التفجيرات ذريعة لتعزيز العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية.
إن فرضية التوظيف السياسي لهذه الحادثة ليست جديدة، إذ لطالما استُخدمت الهجمات، سواء نفذها فلسطينيون أو كانت مفتعلة، كتبرير لتوسيع نطاق العدوان الإسرائيلي، وهو ما يبدو جلياً في قرارات نتنياهو الأخيرة بتكثيف العمليات في طولكرم ومخيمات أخرى تحت شعار "ملاحقة البنية التحتية للإرهاب".
لم تكن زيارة نتنياهو وكاتس لمنزل فلسطيني في قلب مخيم طولكرم، وجلوسهم داخل غرفة معيشة لعائلة مهجّرة مجرّد استعراض أمني، بل حملت رمزية خطيرة، مفادها أن الاحتلال لا يكتفي بتوغلات محدودة، بل يفرض حضوره المباشر داخل المساحات الخاصة للفلسطينيين، في خطوة تهدف إلى كسر الروح المعنوية، وتوجيه رسالة بأن جيشه قادر على الوصول إلى أي مكان في الضفة.
تأتي هذه السياسة ضمن توجّه أوسع لتهجير السكان وفرض واقع أمني خانق، يجبر الفلسطينيين إما على الرحيل أو القبول بحكم عسكري دائم، وهو جوهر مشروع الضم الذي تعمل عليه حكومة الاحتلال، من خلال إجراءات تدريجية على الأرض تشمل التهجير القسري، والاستيطان، والعقوبات الجماعية.
ما يجري اليوم في طولكرم هو حلقة في سلسلة طويلة من الإجراءات التي تعكس نوايا إسرائيل تجاه الضفة الغربية، حيث يتم الدمج بين العمليات العسكرية والاستيطان والقوانين الإسرائيلية التي تمنح المستوطنين امتيازات أمنية وإدارية على حساب الفلسطينيين. و لا تستهدف هذه السياسة "المسلحين" فقط، كما يدّعي الاحتلال، بل تسعى إلى إعادة رسم الخريطة السكانية عبر الضغط المستمر على الفلسطينيين لدفعهم نحو الهجرة القسرية أو الخضوع لواقع الاحتلال كأمر مفروض.
وبهذا فإن التصعيد الحالي هو جزء من خطة أوسع تهدف إلى حسم مستقبل الضفة الغربية، بعيداً عن أي تسوية سياسية، عبر فرض السيطرة الإسرائيلية الكاملة تدريجياً، وتحويل الفلسطينيين إلى سكان بلا حقوق في أرضهم.
في الختام، يبقى السؤال مطروحاً: هل ستتمكن الفصائل الفلسطينية من توحيد صفوفها لمواجهة هذا المخطط؟ وما الذي يمكن أن تحمله القمة العربية الطارئة من خطوات فعلية لردع التصعيد الإسرائيلي في ظل غياب ضغوط دولية مؤثرة؟.
ومع استمرار الاحتلال في تصعيده، قد يكون الرد الفلسطيني بمزيد من المقاومة بمختلف أشكالها، مما يعيق تحقيق أهداف التوسع والضم. لكن ما لا شك فيه، هو أن الشعب الفلسطيني، كما أثبت عبر التاريخ، يمتلك القدرة على الصمود وإفشال محاولات فرض الأمر الواقع.
فادي أبو بكر
كاتب وباحث فلسطيني
شهد مخيم طولكرم شمالي الضفة الغربية تصعيداً خطيراً مع اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، برفقة وزير حربه يسرائيل كاتس وعدد من كبار ضباط الجيش أحد المنازل الفلسطينية، في خطوة تحمل دلالات واضحة تتجاوز البعد الأمني إلى رسائل سياسية مرتبطة بمخطط ضم الضفة وتغيير واقعها الجغرافي والديموغرافي بالقوة. وتأتي هذه الزيارة الميدانية ضمن حملة عسكرية موسعة تستهدف المخيمات الفلسطينية، في سياق سياسة إسرائيلية ممنهجة لإضعاف أي بنية مقاومة في الضفة الغربية، وفرض واقع جديد يعزز سيطرة الاحتلال، ويمهد لمخططات الضم الفعلي التي باتت جزءاً من الخطاب السياسي للحكومة الإسرائيلية المتطرفة.
يأتي هذا التصعيد بعد أن شهدت مدينة "بات يام" جنوب "تل أبيب" تفجيرات غامضة استهدفت ثلاث حافلات دون وقوع إصابات، لكنها أثارت حالة من الذعر الأمني وأعادت الجدل حول دوافعها الحقيقية، خاصة مع إعلان السلطات الإسرائيلية فرض حظر نشر على تفاصيل التحقيق، واعتقال إسرائيليين اثنين للاشتباه في تورطهما، ما عزز الشكوك حول احتمال أن تكون هذه التفجيرات ذريعة لتعزيز العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية.
إن فرضية التوظيف السياسي لهذه الحادثة ليست جديدة، إذ لطالما استُخدمت الهجمات، سواء نفذها فلسطينيون أو كانت مفتعلة، كتبرير لتوسيع نطاق العدوان الإسرائيلي، وهو ما يبدو جلياً في قرارات نتنياهو الأخيرة بتكثيف العمليات في طولكرم ومخيمات أخرى تحت شعار "ملاحقة البنية التحتية للإرهاب".
لم تكن زيارة نتنياهو وكاتس لمنزل فلسطيني في قلب مخيم طولكرم، وجلوسهم داخل غرفة معيشة لعائلة مهجّرة مجرّد استعراض أمني، بل حملت رمزية خطيرة، مفادها أن الاحتلال لا يكتفي بتوغلات محدودة، بل يفرض حضوره المباشر داخل المساحات الخاصة للفلسطينيين، في خطوة تهدف إلى كسر الروح المعنوية، وتوجيه رسالة بأن جيشه قادر على الوصول إلى أي مكان في الضفة.
تأتي هذه السياسة ضمن توجّه أوسع لتهجير السكان وفرض واقع أمني خانق، يجبر الفلسطينيين إما على الرحيل أو القبول بحكم عسكري دائم، وهو جوهر مشروع الضم الذي تعمل عليه حكومة الاحتلال، من خلال إجراءات تدريجية على الأرض تشمل التهجير القسري، والاستيطان، والعقوبات الجماعية.
ما يجري اليوم في طولكرم هو حلقة في سلسلة طويلة من الإجراءات التي تعكس نوايا إسرائيل تجاه الضفة الغربية، حيث يتم الدمج بين العمليات العسكرية والاستيطان والقوانين الإسرائيلية التي تمنح المستوطنين امتيازات أمنية وإدارية على حساب الفلسطينيين. و لا تستهدف هذه السياسة "المسلحين" فقط، كما يدّعي الاحتلال، بل تسعى إلى إعادة رسم الخريطة السكانية عبر الضغط المستمر على الفلسطينيين لدفعهم نحو الهجرة القسرية أو الخضوع لواقع الاحتلال كأمر مفروض.
وبهذا فإن التصعيد الحالي هو جزء من خطة أوسع تهدف إلى حسم مستقبل الضفة الغربية، بعيداً عن أي تسوية سياسية، عبر فرض السيطرة الإسرائيلية الكاملة تدريجياً، وتحويل الفلسطينيين إلى سكان بلا حقوق في أرضهم.
في الختام، يبقى السؤال مطروحاً: هل ستتمكن الفصائل الفلسطينية من توحيد صفوفها لمواجهة هذا المخطط؟ وما الذي يمكن أن تحمله القمة العربية الطارئة من خطوات فعلية لردع التصعيد الإسرائيلي في ظل غياب ضغوط دولية مؤثرة؟.
ومع استمرار الاحتلال في تصعيده، قد يكون الرد الفلسطيني بمزيد من المقاومة بمختلف أشكالها، مما يعيق تحقيق أهداف التوسع والضم. لكن ما لا شك فيه، هو أن الشعب الفلسطيني، كما أثبت عبر التاريخ، يمتلك القدرة على الصمود وإفشال محاولات فرض الأمر الواقع.
فادي أبو بكر
كاتب وباحث فلسطيني