أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

الجبوري لـ«فلسطين 24»: خطر وجودي يهدد سكان غزة وانهيار شامل لمقومات الحياة


سحر الجبوري، رئيس مكتب ممثل الأونروا في القاهرة

القاهرة - فلسطين 24 
أكدت سحر الجبوري، رئيس مكتب ممثل الأونروا في القاهرة، أن الوضع الإنساني في قطاع غزة بلغ مرحلة "الانهيار الشامل"، مشددة على أن استمرار انقطاع المساعدات الإنسانية يمثل "خطرًا وجوديًا" يهدد حياة أكثر من مليوني فلسطيني، يتعرضون لتجويع جماعي ممنهج، في وقت يعاني فيه 90% من السكان من انعدام الأمن المائي، بينما تفترش العائلات الأرض وتلتحف السماء. 
وفي تصريحات خاصة لـ"فلسطين 24"، كشفت الجبوري أن أكثر من 15 ألف طفل قضوا نحبهم جراء الحرب الإسرائيلية المتواصلة، بينهم أكثر من 950 طفلًا خلال الشهرين الأخيرين فقط، مشيرة إلى أن هؤلاء الأطفال يعيشون "صدمة مستمرة" وسط غياب الرعاية والتعليم، وتفاقم الجوع، وفقدان الأمان، والنزوح المتكرر.
مقومات الحياة تنهار 
قالت الجبوري إن "غزة تقف اليوم على حافة الهاوية"، بعد أكثر من 600 يوم من القصف المتواصل، و80 يومًا من الحصار الكامل، مؤكدة أن الأحياء تُدمّر بالكامل، ويُجبر السكان على الفرار من منازلهم خاليي الوفاض، ليعيشوا في مبانٍ مدمرة أو مهجورة أو في العراء وسط اكتظاظ خانق وانعدام أبسط مقومات الحياة. 
وأشارت إلى أن أكثر من 81% من مساحة القطاع باتت تُصنف كمناطق عسكرية مغلقة من قبل الاحتلال، ما دفع أكثر من مليوني فلسطيني للتكدس في رقعة صغيرة لا تصلح للحياة، وسط انتشار واسع للأمراض المعدية بسبب غياب المياه النظيفة، وتكدس النفايات، وانعدام النظافة.
انهيار النظام الصحي وانتشار الأمراض 
أوضحت الجبوري أن النظام الصحي في غزة ينهار تحت وطأة الحصار ونفاد الأدوية واللقاحات، مشيرة إلى انتشار واسع لأمراض مثل الإسهال المائي الحاد، والقمل، والأمراض الجلدية، نتيجة تسرب مياه الصرف الصحي وتكدس القمامة، مؤكدة أن هذه البيئة تمثل بؤرة خصبة لتفشي الأوبئة. 
وأضافت أن أكثر من نصف مرافق المياه والصرف الصحي في القطاع تضررت كليًا أو جزئيًا، ما أدى إلى اعتماد الأهالي على مياه ملوثة أو غير صالحة للشرب.
الأونروا تواصل رغم التحديات 
قالت الجبوري إن وكالة الأونروا تواصل تقديم الخدمات الإنسانية الأساسية رغم الكارثة، حيث يعمل 12,000 موظف من موظفي الوكالة في ظروف بالغة القسوة، ويقدمون نحو 15,000 استشارة صحية يوميًا في 35 نقطة طبية، ويوفرون اللقاحات في 12 منشأة رغم نفاد بعضها. 
وأشارت إلى استمرار تقديم التعليم لـ37,000 طفل في مراكز تعليم مؤقتة تابعة للأونروا، تشمل أنشطة تعليمية وترفيهية، إلى جانب خدمات الدعم النفسي والاجتماعي، رغم تضرر 90% من مدارس الوكالة بالقصف المباشر أو غير المباشر. 
كما توفر الأونروا المياه لنصف مليون شخص من خلال تشغيل خمسة آبار، وتقوم بجمع أطنان من النفايات الصلبة، وتنظم حملات للتنظيف ورش المبيدات والتوعية الصحية.
ضحايا في صفوف الأونروا 
كشفت الجبوري عن مقتل 310 موظفين من طواقم الأونروا منذ بدء العدوان، واعتقال أكثر من 50 آخرين تعرضوا لسوء معاملة وانتهاكات جسيمة، مؤكدة أن هذه الممارسات تمثل سابقة خطيرة في استهداف العاملين في المجال الإنساني، وتشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي. 
وأضافت أن أكثر من 300 منشأة تابعة للأونروا تعرضت للتدمير الكلي أو الجزئي، رغم تزويد أطراف النزاع بإحداثياتها بشكل مستمر، مطالبة بتحقيق دولي مستقل ومحاسبة الجناة.
رفض الضغوط لتفكيك الأونروا 
وفي ردها على الضغوط الأمريكية والإسرائيلية الهادفة لتفكيك أو استبدال الأونروا، قالت الجبوري إن هذه المحاولات جزء من "استراتيجية سياسية تهدف لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين"، محذرة من أن استبدال الوكالة سيقود إلى كارثة إنسانية في الأراضي الفلسطينية ومناطق عملياتها الأخرى، وسيقوّض الجهود الإنسانية ويهدد الاستقرار الإقليمي. 
وأضافت أن بعض الادعاءات الموجهة ضد موظفي الأونروا، مثل مزاعم تورطهم في عمليات 7 أكتوبر، استُخدمت كذريعة لتعليق التمويل، على الرغم من أن الوكالة بادرت بفصل المتهمين فورًا، في محاولة لحماية حيادها واستمرارية عملها.
نداء عاجل للعالم 
اختتمت الجبوري تصريحها بالتحذير من تداعيات استمرار انقطاع المساعدات، قائلة: "نحن أمام خطر وجودي وانهيار كامل للحياة في غزة، وهذا لا يُهدد فقط القطاع بل يشكل تهديدًا للأمن الإقليمي"، مشددة على أن وقف إطلاق النار لم يعد مجرد مطلب إنساني، بل "ضرورة أخلاقية لا تحتمل التأجيل". 
وأثنت الجبوري على الجهود المصرية الجادة في دعم الأونروا، وفي الضغط من أجل إدخال المساعدات الإنسانية، ودفع الأطراف نحو وقف دائم لإطلاق النار، مشيرة إلى أن "شعب غزة لم يعد له أمل سوى بانتهاء الحرب وإنقاذ ما تبقى من إنسانيته".


تعليقات