أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

الإبادة الزراعية في غزة: الاحتلال يدمر شريان الحياة



فلسطين24: نورهان أبو ربيع – غزة 
يواصل الاحتلال الإسرائيلي سياسته التدميرية للقطاع الزراعي في قطاع غزة، الذي يعاني منذ بداية العدوان العسكري المستمر منذ السابع من أكتوبر 2023. فقد تضررت مساحة واسعة من الأراضي الزراعية بلغت نحو 156,976 دونم، تمثل نسبة 67.6% من إجمالي الأراضي الزراعية في القطاع، ما أدى إلى حرمان آلاف الأسر من العمل في هذا القطاع الحيوي. 
وكانت الزراعة تشكل ما نسبته 42% من أراضي القطاع، وتعد شريانًا أساسيًا في الاقتصاد المحلي وسلسلة هامة للأمن الغذائي. غير أن استمرار العمليات العسكرية والتدمير الشامل، إلى جانب الحصار الخانق وسياسة التجويع التي يمارسها الاحتلال، أضعفت هذا القطاع بشكل كبير، وأسفر ذلك عن نقص حاد في المنتجات الزراعية. 
وفي تصريح لـ"فلسطين 24"، قالت المسؤولة في الإغاثة الزراعية بغزة، نهى الشريف، إن قطاع الإنتاج الحيواني تعرض لتدمير واسع النطاق، إذ انخفض عدد الطيور التي يتم تربيتها في المنازل بشكل كبير، إضافة إلى الخسائر الفادحة في رؤوس الأغنام والدواجن والمزارع المرتبطة بها. وأكدت أن مزارع الدواجن تكبدت خسائر مضاعفة خلال فترة العدوان. 
أما قطاع الصيد، فأشارت الشريف إلى أنه تعرض أيضًا لتدمير شبه كامل وتوقف معظم الصيادين عن العمل، باستثناء قلة قليلة ممن يستخدمون وسائل تقليدية للصيد على امتداد ساحل غزة، والتي لا تتجاوز مسافات قليلة، باستثناء مناطق رفح وشمال غزة. ويبلغ عدد الصيادين نحو خمسة آلاف صياد، توقفت مصادر رزقهم خلال فترة العدوان، ما أدخلهم في دائرة الفقر المدقع. 
وأضافت الشريف أن الإنتاج النباتي كان قبل العدوان يغطي حوالي 6 آلاف دونم، لكن أكثر من 4.6% من هذه الأراضي الزراعية أصبحت غير صالحة للزراعة، وتدمّر ما بين 80% إلى 90% من الإنتاج النباتي، حيث توقفت الأنشطة الزراعية بشكل كامل. 
وأوضحت أن الاحتلال استهدف بشكل خاص أشجار الزيتون، التي تشكل حوالي 60% من أشجار البستنة في القطاع، حيث تمثل الأراضي المزروعة بأشجار البستنة حوالي 30.9% من إجمالي الأراضي الزراعية في غزة، منها 31.1% في محافظة خان يونس، و22.3% في محافظة شمال غزة. وتعتبر أشجار الزيتون ذات أهمية كبيرة للاقتصاد الزراعي المحلي.
شهادات من أرض الدمار: صوت المزارع والصياد 
في قرية الفخاري جنوب شرق خانيونس، تحدثنا مع المزارع عبد الله دقة الذي فقد أكثر من نصف أرضه المزروعة نتيجة القصف المستمر. قال بحسرة:
"كنت أزرع الزيتون والحمضيات، هذه الأرض هي مصدر رزقي الوحيد، لكن اليوم كل شيء مدمر. لا أستطيع حتى الوصول إلى أرضي، والشتلات التي زرعتها منذ سنوات ذهبت أدراج الرياح. أصبحنا بلا عمل، وبلا أمل." 
أما الصياد محمود الاقرع من دير البلح وسط قطاع غزة، فقال:
"كانت مهنة الصيد كل حياتي، لكنها توقفت منذ بداية العدوان. البحر صار ميدان قصف لا مكان للصيد فيه. بقيت أنا وبعض الزملاء نخرج بالقوارب الصغيرة لنحاول صيد بعض الأسماك بالقرب من الشاطئ، ولكن الكمية قليلة ولا تكفي لسد الحاجة. خسرت مصدر دخلي وأصبحت عائلتي في حاجة دائمة للمساعدات." 
في ظل هذا الواقع المرير، أصبحت الزراعة التي كانت ركيزة أساسية في الاقتصاد المحلي والأمن الغذائي عاجزة عن أداء دورها، مع استمرار عمليات الإبادة وتوسيع الاحتلال لنطاق "المناطق العازلة"، مما أدى إلى تدمير هيكلي واسع للأراضي الزراعية. وأسفر ذلك عن انهيار شامل في سلاسل الإنتاج والتوزيع الغذائي، وعمّق من أزمة المجاعة التي يعاني منها سكان قطاع غزة. 
الزراعة تحت النار.. دعوة للإنقاذ 
في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي والدمار المتواصل للقطاع الزراعي في غزة، بات الأمن الغذائي مهددًا بشكل مباشر، وأصبح آلاف الفلسطينيين عرضة للجوع والفقر. الزراعة التي كانت يومًا عماد الاقتصاد المحلي ونبع الحياة، تحولت إلى ساحة خراب وشح في الموارد، تنذر بكارثة إنسانية غير مسبوقة. 
إن حماية هذا القطاع الحيوي يتطلب وقفة دولية عاجلة لإنقاذ ما تبقى من الأراضي والمحاصيل، ودعم صمود المزارعين والصيادين الذين يعانون من ظروف لا إنسانية. فبدون الزراعة، لن يكون لغزة من يقاوم، ولن يبقى لأهلها غير الألم والجوع. 
الوقت ينفد، والنداء صار حاضرًا: أنقذوا الزراعة في غزة، أنقذوا حياة شعب بأكمله.

 

تعليقات