الطبيب تحت النار: جنود الصحة في غزة يقاومون الموت


فلسطين24: اسامة العوضي- يوسف ابراهيم 
في غزة لا يحمل الأطباء سماعاتهم فقط، بل يحملون أرواحهم على أكتافهم، ويخوضون معركة يومية بين الحياة والموت. فكل صباح، لا يعرف الطبيب ما إذا كان سيكمل مناوبته، أم سيكون رقماً جديداً في قائمة الشهداء.
داخل أروقة المستشفيات المنهكة، وبين أصوات الصراخ وصفارات الإسعاف، يقف الأطباء والممرضون في الصف الأول، بلا حماية، بلا راحة، وبإمكانيات شبه معدومة. أدوات بسيطة، وإمدادات محدودة، وحالات حرجة تصل تباعًا… لكنهم يواصلون عملهم كمن يقاتل بيديه العاريتين.
تقول الدكتورة ريم، طبيبة طوارئ في أحد مستشفيات غزة: “كل لحظة نخاطر بحياتنا. نركض تحت القصف لننقذ جريحًا، نُجري العمليات في ممرات المستشفى، نرتجف لا من الخوف، بل من الألم حين لا نتمكن من إنقاذ أحد.”
الطبيب في غزة لا يعرف الهدوء. لا وقت للراحة، ولا وقت للحزن. حتى عندما يسقط أحد زملائه، لا يملك إلا لحظة صمت قصيرة، ثم يعود لإنقاذ الآخرين.
في أحد أقسام الجراحة، جلس الطبيب سامي على الأرض، ويداه مغطاتان بالدم. قال بهدوء منهك:
“أجرينا خمس عمليات بدون تخدير كامل. كل الأدوات شبه منتهية. لكن المصاب لا يستطيع الانتظار… والموت لا يؤجل مواعيده.”
ورغم أن المستشفيات باتت أهدافًا مباشرة، ورغم فقدان زملاء وأقسام كاملة تحت القصف، إلا أن الأطقم الطبية تصر على البقاء، وعلى فتح أبواب الطوارئ ولو بجهاز تنفس واحد، ولو بسرير واحد لمصاب جديد.
إنهم جنود الصحة في غزة، بلا دروع، بلا أسلحة، يقاتلون بصبرهم، ومهاراتهم، وإنسانيتهم. يقاومون الموت بحياة يمنحونها لغيرهم، ويثبتون للعالم أن غزة لا تنهار، بل تنهض من تحت الركام بضمادة، وسماعة، وقلب نابض بالعطاء. 

 

تعليقات