أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

شاطئ غزة: حين تحوّل ملاذ الاستراحة إلى ساحة مجزرة

محمد نعيم
محمد نعيم
الكاتب: محمد نعيم 
في قطاع غزة، حيث الحرب لا تهدأ، والحصار يأكل ما تبقى من حياة، يبحث الفلسطيني عن مساحة مؤقتة للهروب من الرعب اليومي، ولو لبضع ساعات. وفي يوم الإثنين 30 يونيو 2025، تحوّل هذا الهروب إلى مشهد مأساوي جديد من مسلسل الدم المتواصل. 
استراحة الباقة، الواقعة على شاطئ غزة قرب الميناء، كانت ملاذًا مؤقتًا للنازحين الهاربين من قصف الليلة السابقة على حي الزيتون، وللعائلات التي ضاقت بها الملاجئ وازدحمت خيام المدارس. هناك، كان البعض يحاول أن يستعيد أنفاسه أمام زرقة البحر، بعدما ابتلعت الحرب كل ما تبقى من خضرة المدينة وجمالها. 
لكن في ظهر ذلك اليوم، سقط الموت من السماء.
غارتان جويتان إسرائيليتان استهدفتا الاستراحة بشكل مباشر، وسط وجود عشرات المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ. وفي لحظات، تحولت جلسة هدوء قصيرة إلى مجزرة مروعة. 
30 شهيدًا على الأقل سقطوا في الهجوم، بينهم أطفال وصحفيون ومهندسون وشبان عاطلون عن العمل. فـفي غزة، لم يعد هناك تمييز بين المهن أو الأعمار؛ الكل نازح، والكل مستهدف. 
من بين الضحايا، استُشهد المصوّر الصحفي إسماعيل أبو حطب، بينما أُصيبت الزميلة الصحفية بيان أبو سلطان بجروح خطيرة، وقد وثّقت الكاميرات لحظة نقلها مضرجة بالدماء، لتتحول صورتها إلى رمز جديد لمعاناة الصحفيين الفلسطينيين في الميدان. 
الاستراحة، التي كانت مقصدًا لعدد من الصحفيين والناشطين بسبب توفر ألواح شمسية تتيح الشحن والإنترنت، تحولت إلى مصيدة نارية لم يتوقعها أحد. كان بعضهم يحمّل الصور، يكتب التقارير، أو فقط يحاول البقاء على اتصال بالعالم الخارجي. 
شهادات من نجوا من المجزرة تؤكد أن لحظة القصف كانت كابوسًا لا يُنسى. عائلات تمزقت، أطفال قُذفوا من أماكنهم، وصراخ ملأ المكان. حفرة ضخمة خلّفها الصاروخان في قلب الاستراحة، بين المقاعد البلاستيكية التي ما زالت تحتفظ بأثر الجلوس، وبين بقايا وجبات بسيطة كان اللاجئون يتناولونها. 
أحد الناجين قال:
"كنا ننتظر دورنا للجلوس فقط. وفجأة، سقط كل شيء. لا نفهم لماذا، نحن فقط أردنا رؤية البحر." 
هذا المشهد يعيد التأكيد على حقيقة قاسية يعيشها الفلسطينيون في غزة: لا مكان آمن، لا بحر، لا خيمة، لا شارع، ولا حتى زاوية للهروب من وجع الواقع. 
غزة، التي تنزف بلا توقف منذ أكثر من عشرين شهرًا، تعيش نكبتها كل يوم من جديد.
الجرح مفتوح، ولا أحد في العالم يبدو مستعجلاً لوقف النزيف.

 

تعليقات