![]() |
د. عبدالله أبو هلال |
الكاتب: د. عبدالله أبو هلال
التعليم ليس رفاهية، بل هو أساس البقاء والكرامة الوطنية. وفي فلسطين، لا يقتصر دور التعليم على نقل المعرفة، بل يتجاوز ذلك ليصبح وسيلة من وسائل المقاومة، وبوابة لتعزيز الصمود وتشكيل الوعي الوطني. ومع هذا الدور المحوري، بات من الضروري أن نفتح نقاشًا جادًا حول التحديات التي تعصف بالمسيرة التعليمية في بلادنا، من واقع تجربة ميدانية امتدت لأكثر من خمسة عشر عامًا.
التعليم الفلسطيني.. بين الرسالة والانهيار الصامت
في مجتمعاتنا العربية، يشكّل التعليم العمود الفقري للتنمية، أما في فلسطين، فهو الروح التي نحارب بها محاولات الطمس والاحتلال الثقافي. عملتُ لسنوات طويلة ضمن مجالس أولياء الأمور واللجان التعليمية، وتوليت مسؤولية اللجنة التعليمية في البلدية، بالرغم من انشغالي في عملي ومهنتي كطبيب، هذه المهنة التي تتطلب الوقت والجهد الكبيرين أيضاً. وخلال هذه الرحلة، عايشت الواقع التربوي بكل تفاصيله، واكتشفت أن أزمة التعليم أعمق من مجرد نقص تمويل أو تردّي بنية تحتية.
ومن خلال هذه التجربة، رصدتُ العديد من المشاهد المؤلمة التي لا يمكن تجاهلها وإليكم بعضها:
- ضعف معرفي خطير: طالب في الصف العاشر لا يعرف كتابة الأعداد العشرية أو الكسور.
- انهيار في الانضباط والقيم: طالب يرفض كتابة اسمه في الامتحان، ويرد على المعلم بلا مبالاة: "بديش أكتب وزلمة ورسبني".
- نجاح دون كفاءة: من بين 70 طالب توجيهي في الفرع الأدبي، فقط 20 يعرفون كتابة أسمائهم بشكل سليم، ومع ذلك نجح 65 منهم.
- جهل بالأساسيات: طالب في سن 14 لا يعرف عمره.
- تناقض في التقييم: طلاب بمدارس خاصة يحققون معدلات عالية، لكنهم يفشلون في اختبارات تقييمية موضوعية.
- ضعف مخرجات التعليم العالي: طلاب جامعيون يعجزون عن كتابة جملة سليمة، وخطهم غير مقروء.
- التقليل من قيمة المعلم: في كثير من الأحيان اضطررنا، كمجلس أولياء أمور، إلى مرافقة المعلم لزيارة منزل الطالب وتقديم الاعتذار له ولعائلته، في محاولة لحل الإشكال وطلب التنازل عن الشكوى المقدمة ضد المعلم. هذا الأمر يساهم – مع الأسف – في تقويض مكانة المعلم وهيبته أمام الطلبة والمجتمع .
جذور الأزمة.. من يتحكم بالتعليم؟
خلال محاولاتي لإصلاح بعض الأوضاع، واجهت جدارًا صلبًا من البيروقراطية المركزية. فاللجان التعليمية ومجالس أولياء الأمور يُراد لها أن تبقى محصورة في دور "تحسين البنية التحتية" فقط، دون أن يُسمح لها بالمشاركة في صناعة القرار أو طرح البدائل.
اكتشفت أن هناك سياسات عليا تتحكم في التعليم، تتجاوز مستوى المدرسة والمجتمع، وتُدار بمنطق لا يضع مصلحة الطالب والمعلم والعملية التعليمية بشكل عام في المقدمة، بل يخضع لحسابات سياسية ومالية وأمنية أحيانًا، أو محاصصات ومجاملات على حساب الجودة والكفاءة. كما أنه كان واضحاً وجلياً أن من يخططون للعملية التعليمية، ربما يحاولون تطبيق أساليب مستوردة وبعيدة كل البعد عن الواقع الذي نعيش فيه.
دعوة للمراجعة والتصحيح
أمام هذا الواقع، وإذا كانت النوايا فعلاً صادقة، فلا بد لنا من وقفة وطنية شجاعة، تهدف إلى:
- مراجعة شاملة للمناهج والمخرجات التعليمية.
- تمكين المجالس التربوية والمجتمع المدني من دور فاعل في صنع القرار.
- التركيز على جودة التعليم، لا مجرد نسب النجاح.
- تعزيز القيم والانتماء في نفوس الطلبة.
- ربط التعليم بالقضايا الوطنية والاحتلال ومقاومته ثقافيًا وفكريًا.
أنقذوا التعليم، لأن ما نخسره اليوم في المدارس، سندفع ثمنه غدًا في كل مفاصل الحياة. التعليم هو الجبهة الأولى في معركة الوعي والتحرر، فإما أن ننهض به، أو نستسلم للانهيار.
التعليم ليس رفاهية، بل هو أساس البقاء والكرامة الوطنية. وفي فلسطين، لا يقتصر دور التعليم على نقل المعرفة، بل يتجاوز ذلك ليصبح وسيلة من وسائل المقاومة، وبوابة لتعزيز الصمود وتشكيل الوعي الوطني. ومع هذا الدور المحوري، بات من الضروري أن نفتح نقاشًا جادًا حول التحديات التي تعصف بالمسيرة التعليمية في بلادنا، من واقع تجربة ميدانية امتدت لأكثر من خمسة عشر عامًا.
التعليم الفلسطيني.. بين الرسالة والانهيار الصامت
في مجتمعاتنا العربية، يشكّل التعليم العمود الفقري للتنمية، أما في فلسطين، فهو الروح التي نحارب بها محاولات الطمس والاحتلال الثقافي. عملتُ لسنوات طويلة ضمن مجالس أولياء الأمور واللجان التعليمية، وتوليت مسؤولية اللجنة التعليمية في البلدية، بالرغم من انشغالي في عملي ومهنتي كطبيب، هذه المهنة التي تتطلب الوقت والجهد الكبيرين أيضاً. وخلال هذه الرحلة، عايشت الواقع التربوي بكل تفاصيله، واكتشفت أن أزمة التعليم أعمق من مجرد نقص تمويل أو تردّي بنية تحتية.
ومن خلال هذه التجربة، رصدتُ العديد من المشاهد المؤلمة التي لا يمكن تجاهلها وإليكم بعضها:
- ضعف معرفي خطير: طالب في الصف العاشر لا يعرف كتابة الأعداد العشرية أو الكسور.
- انهيار في الانضباط والقيم: طالب يرفض كتابة اسمه في الامتحان، ويرد على المعلم بلا مبالاة: "بديش أكتب وزلمة ورسبني".
- نجاح دون كفاءة: من بين 70 طالب توجيهي في الفرع الأدبي، فقط 20 يعرفون كتابة أسمائهم بشكل سليم، ومع ذلك نجح 65 منهم.
- جهل بالأساسيات: طالب في سن 14 لا يعرف عمره.
- تناقض في التقييم: طلاب بمدارس خاصة يحققون معدلات عالية، لكنهم يفشلون في اختبارات تقييمية موضوعية.
- ضعف مخرجات التعليم العالي: طلاب جامعيون يعجزون عن كتابة جملة سليمة، وخطهم غير مقروء.
- التقليل من قيمة المعلم: في كثير من الأحيان اضطررنا، كمجلس أولياء أمور، إلى مرافقة المعلم لزيارة منزل الطالب وتقديم الاعتذار له ولعائلته، في محاولة لحل الإشكال وطلب التنازل عن الشكوى المقدمة ضد المعلم. هذا الأمر يساهم – مع الأسف – في تقويض مكانة المعلم وهيبته أمام الطلبة والمجتمع .
جذور الأزمة.. من يتحكم بالتعليم؟
خلال محاولاتي لإصلاح بعض الأوضاع، واجهت جدارًا صلبًا من البيروقراطية المركزية. فاللجان التعليمية ومجالس أولياء الأمور يُراد لها أن تبقى محصورة في دور "تحسين البنية التحتية" فقط، دون أن يُسمح لها بالمشاركة في صناعة القرار أو طرح البدائل.
اكتشفت أن هناك سياسات عليا تتحكم في التعليم، تتجاوز مستوى المدرسة والمجتمع، وتُدار بمنطق لا يضع مصلحة الطالب والمعلم والعملية التعليمية بشكل عام في المقدمة، بل يخضع لحسابات سياسية ومالية وأمنية أحيانًا، أو محاصصات ومجاملات على حساب الجودة والكفاءة. كما أنه كان واضحاً وجلياً أن من يخططون للعملية التعليمية، ربما يحاولون تطبيق أساليب مستوردة وبعيدة كل البعد عن الواقع الذي نعيش فيه.
دعوة للمراجعة والتصحيح
أمام هذا الواقع، وإذا كانت النوايا فعلاً صادقة، فلا بد لنا من وقفة وطنية شجاعة، تهدف إلى:
- مراجعة شاملة للمناهج والمخرجات التعليمية.
- تمكين المجالس التربوية والمجتمع المدني من دور فاعل في صنع القرار.
- التركيز على جودة التعليم، لا مجرد نسب النجاح.
- تعزيز القيم والانتماء في نفوس الطلبة.
- ربط التعليم بالقضايا الوطنية والاحتلال ومقاومته ثقافيًا وفكريًا.
أنقذوا التعليم، لأن ما نخسره اليوم في المدارس، سندفع ثمنه غدًا في كل مفاصل الحياة. التعليم هو الجبهة الأولى في معركة الوعي والتحرر، فإما أن ننهض به، أو نستسلم للانهيار.