"الخروف يتحول إلى دبابة".. الاستيطان الرعوي يلتهم مسافر يطا



فلسطين24: قال نضال يونس، رئيس مجلس قروي مسافر يطا، إن عصابات المستوطنين حولت "الخروف"، الذي يُفترض أن يكون رمزًا للوداعة، إلى أداة للقمع والتوسع الاستيطاني، تشبه إلى حد كبير "الدبابة". وأضاف: "بدأوا برعي المزروعات الشتوية، ثم انتقلوا إلى أشجار اللوز والزيتون، واليوم لم يعد مستبعدًا أن تدخل خرافهم مطابخنا وغرف نومنا". 
وأشار يونس إلى أن المستوطنين لا يقتصرون على رعي الأغنام في أراضي المواطنين، بل يقومون بسرقة مواشيهم واحتلال حظائرهم، مضيفًا: "رأيناهم يدخلون خرافهم إلى معالفنا، ويستخدمون ممتلكاتنا للرعي والشرب وحتى النوم، وكأن الأرض لم تعد لنا". 
واعتبر يونس أن هذا النمط من الاستيطان يُمارس كـ"تهجير ناعم" يغلف بالعنف، ويهدف إلى السيطرة على الأرض دون الحاجة إلى قرارات رسمية أو أوامر عسكرية، بل عبر خلق واقع جديد بالقوة. 
تشهد منطقة مسافر يطا جنوب محافظة الخليل تصاعدًا خطيرًا في وتيرة الاعتداءات التي ينفذها مستوطنون إسرائيليون، في ظل توسع ما يُعرف بـ"الاستيطان الرعوي"، الذي بات يشكل خطرًا مباشرًا على حياة الفلسطينيين وأراضيهم. 
في الأسابيع الأخيرة، وثق ناشطون محليون وأجانب عددًا متزايدًا من اعتداءات المستوطنين على المزارعين والرعاة في خرب وقرى التوانة، أم الخير، الركيز، وخلة الضبع، حيث تم رصد حالات ضرب وتهديد بالسلاح وإطلاق نار من مسافة صفر. 
ومن بين هذه الاعتداءات، إصابة المسن سعيد العمور، الذي أطلق عليه مستوطن النار ما أدى إلى إصابته في ساقه اليمنى وبتر قدمه لاحقًا. كما استشهد عودة محمد خليل الهذالين (31 عامًا) برصاص مستوطن أثناء تصويره فيديو توثيقي لاعتداء مستوطن يقود جرافة على أراضي المواطنين في خربة أم الخير. وقد وثق الشهيد الهذالين عملية إطلاق النار عليه. 
من جانبه، قال الناشط الإعلامي أسامة مخامرة: "عصابات المستوطنين ترعى أغنامهم على أراضينا، وإذا اقتربنا نُضرب أو نُطرد أو نُعتقل، ونخشى أن نُقتل من قبل الجيش أو المستوطنين، كما حدث مع الشهيد الهذالين الذي قتله مستوطن بدم بارد، والمحكمة الإسرائيلية أخلت سبيله". 
تشير تقارير إلى أن عشرات "البؤر الرعوية" أقيمت في الضفة الغربية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، أكثر من نصفها في مناطق جنوب الخليل، وخصوصًا في مسافر يطا. ويتمتع المستوطنون فيها بدعم لوجستي وبنية تحتية توفرها حكومة الاحتلال بشكل مباشر أو غير مباشر. 
وقال نضال يونس: "الاستيطان الرعوي هو الوجه الأخطر للاستيطان، لأنه لا يأتي بالجرافات، بل بالماشية والعنف، والهدف واضح: السيطرة على الأرض وإرغام أهلها على الرحيل". 
تُصنف معظم أراضي مسافر يطا ضمن ما تسميه سلطات الاحتلال "منطقة إطلاق نار 918"، وهي ذريعة لتبرير الهدم والتهجير. وقد صدرت أوامر بإخلاء 12 قرية في المنطقة، ويواجه آلاف السكان خطر الإخلاء القسري عن أراضيهم، رغم إقامتهم فيها منذ عقود طويلة. 
دعت منظمات فلسطينية ودولية، منها "هيومن رايتس ووتش" و"منظمة العفو الدولية"، المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لوقف الاستيطان الرعوي وجرائم المستوطنين، كما حثت السلطة الفلسطينية على توثيق الانتهاكات تمهيدًا لتحريك ملفات في محكمة الجنايات الدولية. 
وزاد يونس: "في وقت ينشغل فيه العالم بأحداث متسارعة، يعيش سكان مسافر يطا صراعًا يوميًا من أجل البقاء في أرضهم. الحاجة ملحة لتحرك سياسي وقانوني وشعبي يحمي هذا الجزء من الوطن من أن يتحول إلى امتداد صامت للاستيطان تحت اسم الرعي". 

 

تعليقات