![]() |
| ضحى معاري |
الكاتب: ضحى معاري
يشكل التعلّم العاطفي والاجتماعي (SEL) أحد أهم الاتجاهات التربوية الحديثة، ويهدف إلى تمكين المعلمين والطلبة بمهارات الوعي الذاتي، وإدارة الانفعالات، وتنمية العلاقات الاجتماعية، وخلق بيئة تعليمية آمنة ومحفّزة. وقد شهدت السنوات الأخيرة توسعاً ملحوظاً في البرامج التدريبية الموجهة للمعلمين، ما يعكس إدراككاً متزايداً لأهميته في تعزيز فاعلية العملية التعليمية.
المعلم هو محور التغيير وصانع الفرق في الصف والمجتمع التربوي. فهو ليس مجرد ناقل للمعرفة، بل مرشد عاطفي واجتماعي قادر على حماية الصحة النفسية، وبناء الثقة، ودعم الطلبة وتمكينهم من التعامل مع المواقف بوعي واتزان، سواء في التحديات الكبرى أو في أبسط الممارسات اليومية والحياتية. ومع ذلك، فإن دور المعلم رغم أهميته لا يُمارَس في فراغ.
في كثير من الأحيان، يدور معتقد شائع حول التعلم العاطفي والاجتماعي يرى أن اكتساب المعلم لهذه المهارات كافٍ وحده لخلق بيئة صفية مثالية. هذا التصور يشبه الاعتقاد بوجود "عصا سحرية"، ويتجاهل حقيقة أساسية مفادها أن النجاح الحقيقي في التعلم العاطفي والاجتماعي هو نتاج تكامل بين مهارات المعلم وثقافة المؤسسة التي يعمل ضمنها.
فالبيئة المؤسسية ليست نتيجة هامشية، بل هي الإطار الذي يحدد قدرة المعلم على ممارسة ما تعلمه واكتسبه. المؤسسات بإدارتها، وسياساتها، وآليات اتخاذ القرار فيها ، قد تكون عنصراً داعماً ومحفزاً، وقد تكون مصدر إحباط يعرقل الأثر العاطفي والاجتماعي مهما امتلك المعلم من مهارات.
المعلّم يصنع أثره من خلال تفاعله مع الطلبة والمجتمع التعليمي، لكن المؤسسة إما أن تعزّز هذا الأثر عبر بيئة مهنية عادلة، شفافة، وتحترم الإنسان، أو تُضعفه إذا اتسمت بالظلم أو التهميش أوعدم التقدير. لذلك، المعلم وحده غير قادر على إحداث التغيير، ولا البيئة وحدها تصنع تعلّماً عاطفياً ناجحاً؛ فالتعليم الحقيقي يولد فقط حين تتكامل مهارات المعلّم مع بيئة مؤسسية عادلة وداعمة.
إن إغفال هذه الحقيقة يخلق توقعات غير واقعية؛ فمن الخطأ الظن أن التعلّم العاطفي قادر بمفرده على إصلاح خلل مؤسسي عميق، أو أن بيئة عادلة تستطيع تعويض غياب المهارات الفردية. العلاقة بين الطرفين علاقة تكاملية تفاعلية؛ المعلّم مسؤول عن الوعي والممارسة، لكن المؤسسة مسؤولة عن التمكين والعدالة.
وفي هذا السياق، من الضروري التأكيد على أن التعلّم العاطفي والاجتماعي ليس شعارا عن الرفاه ولا منهجاً يُقدّم للآخرين دون أن يُمارَس داخل المؤسسة نفسها. وأن تكون نموذجاً للإلتزام الأخلاقي والمهني وتعكس الوعي العاطفي والاجتماعي في ثقافة فريقها وفي سياسات عملها، قبل أن تطلَب من المعلم تطبيقه مع الطلبة.
وتبقى الفجوة بين الخطاب والممارسة أكبر تحدٍ أمام أي مؤسسة تتبنّى التعلّم العاطفي والاجتماعي. فعندما يُقال شيء ويُطبَّق شيء آخر، يفقد المعلّم ثقته بالبيئة، ويتعطّل الأثر الحقيقي للمنهجيات المتّبعة، مهما كانت جودة المهارات التي يمتلكها.
إن التعلّم العاطفي والاجتماعي ليس برنامجاً يُدرَّس، بل هو ثقافة تُعاش. ونجاحه لا يقوم على فرد ولا على شعار، بل على منظومة متكاملة تحترم الإنسان، وتدعم المعلّم، وتمنح الطلبة بيئة تعكس القيم التي نريدهم أن يكتسبوها ويمارسوها في حياتهم اليومية، ليصبحوا أفراداً فاعلين قادرين على النهوض بمجتمعاتهم وصناعة مؤسسات تقوم على الموضوعية والإنصاف، بعيدا عن التحيّزات والاعتبارات غير المهنية.
يشكل التعلّم العاطفي والاجتماعي (SEL) أحد أهم الاتجاهات التربوية الحديثة، ويهدف إلى تمكين المعلمين والطلبة بمهارات الوعي الذاتي، وإدارة الانفعالات، وتنمية العلاقات الاجتماعية، وخلق بيئة تعليمية آمنة ومحفّزة. وقد شهدت السنوات الأخيرة توسعاً ملحوظاً في البرامج التدريبية الموجهة للمعلمين، ما يعكس إدراككاً متزايداً لأهميته في تعزيز فاعلية العملية التعليمية.
المعلم هو محور التغيير وصانع الفرق في الصف والمجتمع التربوي. فهو ليس مجرد ناقل للمعرفة، بل مرشد عاطفي واجتماعي قادر على حماية الصحة النفسية، وبناء الثقة، ودعم الطلبة وتمكينهم من التعامل مع المواقف بوعي واتزان، سواء في التحديات الكبرى أو في أبسط الممارسات اليومية والحياتية. ومع ذلك، فإن دور المعلم رغم أهميته لا يُمارَس في فراغ.
في كثير من الأحيان، يدور معتقد شائع حول التعلم العاطفي والاجتماعي يرى أن اكتساب المعلم لهذه المهارات كافٍ وحده لخلق بيئة صفية مثالية. هذا التصور يشبه الاعتقاد بوجود "عصا سحرية"، ويتجاهل حقيقة أساسية مفادها أن النجاح الحقيقي في التعلم العاطفي والاجتماعي هو نتاج تكامل بين مهارات المعلم وثقافة المؤسسة التي يعمل ضمنها.
فالبيئة المؤسسية ليست نتيجة هامشية، بل هي الإطار الذي يحدد قدرة المعلم على ممارسة ما تعلمه واكتسبه. المؤسسات بإدارتها، وسياساتها، وآليات اتخاذ القرار فيها ، قد تكون عنصراً داعماً ومحفزاً، وقد تكون مصدر إحباط يعرقل الأثر العاطفي والاجتماعي مهما امتلك المعلم من مهارات.
المعلّم يصنع أثره من خلال تفاعله مع الطلبة والمجتمع التعليمي، لكن المؤسسة إما أن تعزّز هذا الأثر عبر بيئة مهنية عادلة، شفافة، وتحترم الإنسان، أو تُضعفه إذا اتسمت بالظلم أو التهميش أوعدم التقدير. لذلك، المعلم وحده غير قادر على إحداث التغيير، ولا البيئة وحدها تصنع تعلّماً عاطفياً ناجحاً؛ فالتعليم الحقيقي يولد فقط حين تتكامل مهارات المعلّم مع بيئة مؤسسية عادلة وداعمة.
إن إغفال هذه الحقيقة يخلق توقعات غير واقعية؛ فمن الخطأ الظن أن التعلّم العاطفي قادر بمفرده على إصلاح خلل مؤسسي عميق، أو أن بيئة عادلة تستطيع تعويض غياب المهارات الفردية. العلاقة بين الطرفين علاقة تكاملية تفاعلية؛ المعلّم مسؤول عن الوعي والممارسة، لكن المؤسسة مسؤولة عن التمكين والعدالة.
وفي هذا السياق، من الضروري التأكيد على أن التعلّم العاطفي والاجتماعي ليس شعارا عن الرفاه ولا منهجاً يُقدّم للآخرين دون أن يُمارَس داخل المؤسسة نفسها. وأن تكون نموذجاً للإلتزام الأخلاقي والمهني وتعكس الوعي العاطفي والاجتماعي في ثقافة فريقها وفي سياسات عملها، قبل أن تطلَب من المعلم تطبيقه مع الطلبة.
وتبقى الفجوة بين الخطاب والممارسة أكبر تحدٍ أمام أي مؤسسة تتبنّى التعلّم العاطفي والاجتماعي. فعندما يُقال شيء ويُطبَّق شيء آخر، يفقد المعلّم ثقته بالبيئة، ويتعطّل الأثر الحقيقي للمنهجيات المتّبعة، مهما كانت جودة المهارات التي يمتلكها.
إن التعلّم العاطفي والاجتماعي ليس برنامجاً يُدرَّس، بل هو ثقافة تُعاش. ونجاحه لا يقوم على فرد ولا على شعار، بل على منظومة متكاملة تحترم الإنسان، وتدعم المعلّم، وتمنح الطلبة بيئة تعكس القيم التي نريدهم أن يكتسبوها ويمارسوها في حياتهم اليومية، ليصبحوا أفراداً فاعلين قادرين على النهوض بمجتمعاتهم وصناعة مؤسسات تقوم على الموضوعية والإنصاف، بعيدا عن التحيّزات والاعتبارات غير المهنية.
