![]() |
د. تهاني اللوزي |
الكاتب: د. تهاني اللوزي
حَسُنَ ما فعله رؤساء الكنائس المسيحية في القدس، حين أعلنوا موقفًا واضحًا وحاسمًا برفض ما يُسمّى «المسيحية الصهيونية»، وذلك خلال لقائهم جلالة الملك عبد الله الثاني، الذي استقبلهم بمناسبة أعياد الميلاد المجيدة. فهذا الموقف لا يُمثّل دفاعًا عن جوهر الإيمان المسيحي فحسب، بل يُشكّل أيضًا موقفًا سياسيًا وأخلاقيًا في مواجهة محاولة خطيرة لتزييف العقيدة وتحويلها إلى أداة استعمارية.
لقد أجمع رؤساء الكنائس المسيحية في القدس على أن ما يُعرف بالمسيحية الصهيونية هو ظاهرة دخيلة، لا تمتّ بصلة إلى الإيمان المسيحي، ولا وجود لها في الأدبيات الكنسية أو في اللاهوت المسيحي الأصيل. فالمسيحية، في جوهرها، رسالة محبة وعدل وسلام، بينما تقوم الصهيونية -بوصفها مشروعًا استعماريًا- على الإقصاء والهيمنة وسلب الحقوق.
وتكمن خطورة ما يُسمّى بالمسيحية الصهيونية في اعتقاد أتباعها بأن كامل أرض فلسطين «حق حصري لهم»، وفي تبريرهم الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني عبر تفسيرات انتقائية ومسيّسة للكتاب المقدس. وبهذا، لا تُسيء هذه الظاهرة إلى الفلسطينيين وحدهم، بل تُسيء إلى المسيحية ذاتها، وتحرّف رسالتها الروحية والإنسانية.
وتنشط هذه التيارات بشكل خاص في الولايات المتحدة، حيث تشكّل إحدى أدوات الضغط السياسي والدعم غير المشروط للاحتلال الإسرائيلي، مستغلّة الخطاب الديني للتأثير على صنّاع القرار، وتبرير الاستيطان، وتهويد القدس، وإنكار الوجود التاريخي والإنساني للشعب الفلسطيني، مسلميه ومسيحييه على حدّ سواء.
ويدرك الاحتلال أهمية البعد الديني في الصراع، ولذلك يسعى إلى توظيف ما يُسمّى بالمسيحية الصهيونية كرافعة أيديولوجية تمنحه شرعية زائفة، وتُصوّر الصراع على أنه قدر إلهي لا ظلم سياسي. وهذه أخطر أشكال التزييف، لأنها تحوّل الدين من قوة أخلاقية لنصرة المظلوم إلى أداة لتبرير الظلم وتغطيته.
في المقابل، يؤكد الموقف الكنسي في القدس -كما عبّر عنه بوضوح المطران عطا الله حنا، رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس- أن المسيحية الحقة لا يمكن أن تقف مع الظالم ضد المظلوم، ولا يمكن أن تبرّر القمع والقتل والاقتلاع باسم نصوص مقدسة. فالكتاب المقدس بريء من هذه التأويلات السياسية، ورسالة الإنجيل واضحة في نصرة الإنسان المقهور، والدفاع عن الحق، والدعوة إلى العدالة والرحمة.
وفي السياق ذاته، أعلن رئيس الاتحاد اللوثري سابقًا، المطران منيب يونان، عام 2001، أن أتباع هذا الفكر هم خارجون عن جوهر الإيمان المسيحي وتعاليمه.
ورغم هذا الرفض الحاسم، فإن الكنيسة، وفاءً لرسالتها الروحية، لا تنزلق إلى خطاب الكراهية، بل تؤكد في الوقت ذاته أنها تصلي من أجل من ضلّوا الطريق، علّهم يعودون إلى رشدهم الإنساني والأخلاقي، ويدركوا أن الإيمان لا يُستخدم لتبرير الحروب، ولا لتغطية الجرائم، ولا لاستهداف الإنسان، أيّ إنسان.
إن الشعب الفلسطيني، شعب الأرض المقدسة، الذي يتوق إلى الحرية والكرامة والانعتاق من الاحتلال، يجد في هذا الموقف الكنسي الأصيل سندًا أخلاقيًا وروحيًا يؤكد أن القدس ليست مجرد قضية سياسية، بل قضية إيمان وعدالة وحق تاريخي.
وفي زمن اختلاط المفاهيم، يبقى صوت الكنائس في القدس شاهدًا على الحقيقة، وحارسًا للرسالة المسيحية النقية، ورافضًا كل محاولةٍ لتسخير الإيمان في خدمة الاحتلال.
حَسُنَ ما فعله رؤساء الكنائس المسيحية في القدس، حين أعلنوا موقفًا واضحًا وحاسمًا برفض ما يُسمّى «المسيحية الصهيونية»، وذلك خلال لقائهم جلالة الملك عبد الله الثاني، الذي استقبلهم بمناسبة أعياد الميلاد المجيدة. فهذا الموقف لا يُمثّل دفاعًا عن جوهر الإيمان المسيحي فحسب، بل يُشكّل أيضًا موقفًا سياسيًا وأخلاقيًا في مواجهة محاولة خطيرة لتزييف العقيدة وتحويلها إلى أداة استعمارية.
لقد أجمع رؤساء الكنائس المسيحية في القدس على أن ما يُعرف بالمسيحية الصهيونية هو ظاهرة دخيلة، لا تمتّ بصلة إلى الإيمان المسيحي، ولا وجود لها في الأدبيات الكنسية أو في اللاهوت المسيحي الأصيل. فالمسيحية، في جوهرها، رسالة محبة وعدل وسلام، بينما تقوم الصهيونية -بوصفها مشروعًا استعماريًا- على الإقصاء والهيمنة وسلب الحقوق.
وتكمن خطورة ما يُسمّى بالمسيحية الصهيونية في اعتقاد أتباعها بأن كامل أرض فلسطين «حق حصري لهم»، وفي تبريرهم الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني عبر تفسيرات انتقائية ومسيّسة للكتاب المقدس. وبهذا، لا تُسيء هذه الظاهرة إلى الفلسطينيين وحدهم، بل تُسيء إلى المسيحية ذاتها، وتحرّف رسالتها الروحية والإنسانية.
وتنشط هذه التيارات بشكل خاص في الولايات المتحدة، حيث تشكّل إحدى أدوات الضغط السياسي والدعم غير المشروط للاحتلال الإسرائيلي، مستغلّة الخطاب الديني للتأثير على صنّاع القرار، وتبرير الاستيطان، وتهويد القدس، وإنكار الوجود التاريخي والإنساني للشعب الفلسطيني، مسلميه ومسيحييه على حدّ سواء.
ويدرك الاحتلال أهمية البعد الديني في الصراع، ولذلك يسعى إلى توظيف ما يُسمّى بالمسيحية الصهيونية كرافعة أيديولوجية تمنحه شرعية زائفة، وتُصوّر الصراع على أنه قدر إلهي لا ظلم سياسي. وهذه أخطر أشكال التزييف، لأنها تحوّل الدين من قوة أخلاقية لنصرة المظلوم إلى أداة لتبرير الظلم وتغطيته.
في المقابل، يؤكد الموقف الكنسي في القدس -كما عبّر عنه بوضوح المطران عطا الله حنا، رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس- أن المسيحية الحقة لا يمكن أن تقف مع الظالم ضد المظلوم، ولا يمكن أن تبرّر القمع والقتل والاقتلاع باسم نصوص مقدسة. فالكتاب المقدس بريء من هذه التأويلات السياسية، ورسالة الإنجيل واضحة في نصرة الإنسان المقهور، والدفاع عن الحق، والدعوة إلى العدالة والرحمة.
وفي السياق ذاته، أعلن رئيس الاتحاد اللوثري سابقًا، المطران منيب يونان، عام 2001، أن أتباع هذا الفكر هم خارجون عن جوهر الإيمان المسيحي وتعاليمه.
ورغم هذا الرفض الحاسم، فإن الكنيسة، وفاءً لرسالتها الروحية، لا تنزلق إلى خطاب الكراهية، بل تؤكد في الوقت ذاته أنها تصلي من أجل من ضلّوا الطريق، علّهم يعودون إلى رشدهم الإنساني والأخلاقي، ويدركوا أن الإيمان لا يُستخدم لتبرير الحروب، ولا لتغطية الجرائم، ولا لاستهداف الإنسان، أيّ إنسان.
إن الشعب الفلسطيني، شعب الأرض المقدسة، الذي يتوق إلى الحرية والكرامة والانعتاق من الاحتلال، يجد في هذا الموقف الكنسي الأصيل سندًا أخلاقيًا وروحيًا يؤكد أن القدس ليست مجرد قضية سياسية، بل قضية إيمان وعدالة وحق تاريخي.
وفي زمن اختلاط المفاهيم، يبقى صوت الكنائس في القدس شاهدًا على الحقيقة، وحارسًا للرسالة المسيحية النقية، ورافضًا كل محاولةٍ لتسخير الإيمان في خدمة الاحتلال.
